عندما تستخدم موقع إلكتروني معين أو تطبيق موبايل، تدخله وتسحب إلى اليمين وتضغط على ذاك الزر الأخضر ثم تسحب إلى الأعلى وتنقر على رابط فتظهر لك رسالة تطلب منك الانتظار لمدة ثوانٍ معدودة، وهكذا تتابع التصفح بسلاسة.. إن هذه العملية بأكملها تعتمد على التصميم التفاعلي.
تلك التفاعلات أُنشئت بعناية فائقة لتظهر بالشكل الذي تراه كي تؤمن لك تجربة مستخدم جيدة ومريحة. لذا عندما لا يلقى التصميم التفاعلي الاهتمام اللازم سواء في موقع الخدمة الإلكتروني أو التطبيق، فإن خلل واحد في عناصره قد يزعج المستخدم ويجعله يبتعد كليًا عن خدمتك.
مفهوم التصميم التفاعلي
التصميم التفاعلي (Interaction design) واختصارًا IxD هو تصميم التفاعل بين المستخدم والخدمة أو المنتج (منتجات برمجية مثل تطبيق أو موقع إلكتروني). عملية يركز فيها المصممون على إنشاء واجهات تفاعلية جذابة للمستخدم. الهدف منه إنشاء منتجات وخدمات بطريقة تمكّن المستخدم من تحقيق أهدافه بأفضل طريقة ممكنة. ربما تشعر أن هذا التعريف فضفاض نوعًا ما ذلك لأن مجال التصميم التفاعلي واسع إلى حدٍّ ما. لنشرح التعريف بشكل أبسط.
لنفرض أنك مجرد مستخدم يبحث عن حل لمشكلته على الإنترنت. ستصادف الكثير من المواقع الإلكترونية والتطبيقات التي تزعم أنها قادرة على حل مشكلتك. بعد الاطلاع على عدة تطبيقات ومواقع، يجذبك أحدها الذي يمتلك عناصر جمالية جذابة أكثر وتشعر أنه سلس وسهل الاستخدام أكثر إلى جانب قدرته على حل مشكلتك بالتأكيد. تتضمن التفاعلات بينك وبين واجهة المنتج عناصر مثل الحركة والصوت ومساحة التفاعل وغيرها من العناصر الأكثر تخصيصًا (Personalization). كلما كانت تلك العناصر أكثر جاذبية للمستخدم، فهذا يعني أن المنتج أو الخدمة ذات تصميم تفاعلي ممتاز.
من وجهة نظر مصمم التفاعل (Interaction Designer)، يحاول الخروج بأفضل تصميم تفاعلي من خلال جعل الصور والأيقونات مكمّلة للكلمات والعبارات المكتوبة في الصفحة أو التطبيق ذلك لتوصيل المعلومات إلى المستخدم بأبسط طريقة ممكنة. يفكر أيضًا بالكثير من التفاصيل مثل الأجهزة المستخدمة للتصفح (الموبايل أو الكمبيوتر) لأنها تؤثر على سلوك المستخدم ويجب تخصيص تصميم لكل واجهة منها. سنشرح بالتفصيل مهام مختص التصميم التفاعلي في فقرة لاحقة.
تبين الصورة أدناه كيف يتفاعل المستخدم مع واجهة الاستخدام من خلال Interaction design:
أبعاد التصميم التفاعلي
يتضمن التصميم التفاعلي خمسة أبعاد رئيسية تساعدنا في فهم ما يتضمنه هذا التصميم وهي:
الكلمات (Words)
تشمل الكلمات كل ما هو مكتوب في واجهة الاستخدام، وبشكل خاص تلك المستخدمة في التفاعلات مثل التسميات المكتوبة على الأزرار والمربعات والتعليمات. ينبغي أن تكون الكلمات ذات معنى وسهلة القراءة والفهم وألا يتوقف المستخدم مدة طويلة لقراءتها أو فهم ما تعنيه. من الأفضل أن يكون معنى الكلمة كافيًا لإيصال المعلومة (الغرض من الكلمة) للمستخدم بدون تشتيته بالكثير من المعلومات (أن تكون الكلمات محددة وسهلة ومخصصة ليست عمومية).
التمثيلات المرئية (Visual representations)
تشمل التمثيلات المرئية العناصر الرسومية التي تتضمن طريقة كتابة الكلمات والصور المدرجة والأيقونات التي يتفاعل معها المستخدمون. وتعتبر المكمّل الأساسي للكلمات التي تكلمنا عنها في الفقرة السابقة في توصيل المعلومات للمستخدمين. لذا ينبغي أن تكون أيضًا بسيطة وسهلة الفهم. عندما يلاحظ المستخدم في تطبيقك أو موقعك أيقونة جذابة وسهلة النقر وتحمل كلمة مفهومة الهدف تمامًا، فلن يتردد في إكمال ما بدأه لأنه يفهم ما يقوم به من خطوات واضحة.
الأشياء المادية ومساحة التفاعل (Physical objects or space)
كيف يتفاعل المستخدم مع منتجك أو تطبيقك؟ هل من الموبايل أم من شاشة الكمبيوتر المكتبي أو اللابتوب؟ يختلف الأمر جذريًا عندما يتعلق بمساحة التفاعل التي يدخل منها المستخدم. تختلف الشاشة الصغيرة عن الشاشة الكبيرة، وهل يتم النقر بالإصبع أم بالماوس. كل ذلك يؤثر على طريقة التفاعل بين المستخدم والخدمة. لتفاصيل أكثر حول فروقات التصميم التفاعلي بين واجهتين مختلفتين، تصفّح هذا المقال: تجربة المستخدم ما بين المواقع الإلكترونية وتطبيقات الموبايل.
الوقت (Time)
يشير هذا البعد إلى جانبين مهمين: الجانب الأول هو الجزء من المنتج أو الخدمة الذي يتغير بمرور وقت معين مثل الرسوميات المتحركة على الواجهة أو حتى الأصوات المعبرة عن إجراء معين التي تحتاج وقتًا لتظهر في واجهة المستخدم. أما الجانب الآخر فيشير إلى الوقت الذي يستهلكه المستخدم ليُكمل الخطوات المختلفة في خدمتك حتى يصل لهدفه. ينبغي أن يضع المصمم في باله أن هناك قيود على وقت تصفح المستخدم وإكمال إجراءاته وهذا يقتضي الخروج بخدمة أكثر كفاءة.
سلوك المستخدم (Behaviour)
يتعلّق هذا البُعد بالطريقة التي ينفذ فيها المستخدم تصفحه أي كيف يتصرف وبماذا يفكر. يُشبه هذا البعد إلى حدٍّ ما “تصميم تجربة المستخدم (UX design)” التي نأخذ فيها “سمات المستخدم (User Persona)” بعين الاعتبار. هنا أيضًا ينبغي أن ينتبه المصمم إلى شخصيات المستخدمين وسماتهم ويضع في الحسبان ما يشعرون به أثناء استخدام المنتج ذلك لتحسين تجربة المستخدم بناءً على سلوكه.
الفرق بين التصميم التفاعلي وتصميم تجربة المستخدم
يعتبر تصميم تجربة المستخدم الأداة الرئيسية التي تشمل العديد من الأجزاء المهمة بما فيها التصميم التفاعلي. يحتوي معمارية المعلومات (Information Architecture) والمحتوى المستخدم في الخدمة أو المنتج الذي يشمل النصوص (الكتابة) والصور والفيديوهات. بالإضافة إلى استراتيجية محتوى (Content Strategy) كاملةً التي تعتمد على أبحاث تجربة المستخدم واختبارات قابلية الاستخدام (Usability) وغيرها الكثير من التفاصيل المهمة. أي يمكننا القول إن تصميم تجربة المستخدم هو الأداة الأم في تصميم المنتج أو الخدمة.
أما التصميم التفاعلي فهو جزء من تصميم تجربة المستخدم. يعتمد أيضًا على سمات العميل ولكنه لا يرتبط بها بشكل مباشر. تفيد سمات العميل هنا في تحديد الشكل الخارجي ومضمون الموقع الإلكتروني أو التطبيق بما يتناسب مع الاستخدامات البشرية. بما معناه، مراعاة الحواس البشرية وتصميم الأصوات والمرئيات والنصوص بما يتلاءم مع مشاعر البشر. يمر Interaction design بالعديد من الاختيارات والمراحل والطرق التي على أساسها يتم تنفيذ نموذج واضح وملائم لتصميم تجربة المستخدم.
تأثير التصميم التفاعلي على التفاعل بين الإنسان والحاسوب (HCI)
يُعنى التفاعل بين الإنسان والحاسوب (Human-Computer Interaction) بتصميم تكنولوجيا الكمبيوتر أي التفاعل بين المستخدم والحاسوب. يدور حول فهم كيفية تفاعل البشر مع أجهزة الكمبيوتر لإنشاء تجارب سهلة الاستخدام وبديهية لمن يريد التفاعل مع المنتجات أو الخدمات الرقمية من خلال الأجهزة ذات الشاشات الكبيرة. وهنا يأتي دور IxD في تحقيق التفاعل بين الإنسان والحاسوب.
يعتبر التصميم التفاعلي جزءًا من HCI الذي يركز على تصميم تجربة المستخدم وتصميم واجهة المستخدم. ويساعد IxD هنا في تصميم تخطيط الموقع الإلكتروني ومرونة تصفحه من حيث الأزرار وطريقة الكتابة والمرئيات وما إلى هنالك.
المهام الرئيسية لمختصي التصميم التفاعلي
يساعد مختص التصميم التفاعلي الشركات في تصميم الواجهات والمحتوى التفاعلي لمنتجاتها وخدماتها لإنشاء تجربة مستخدم مميزة. ولعل أهم ما يقوم به مصمم التفاعلات:
- يعمل مصمم التفاعلات مع مصمم تجربة المستخدم والمطور وأي شخص من فريق العمل يؤثر في قراره على جودة التصميم. يعمل هؤلاء سويًا لإنتاج خدمة بسيطة وسهلة الاستخدام.
- يبقى على اطلاع دائم بنماذج ومبادئ التصميم التفاعلي الحديثة.
- يفهم مبادئ التواصل الجيد.
- يفهم رغبات المستخدم واحتياجاته وطريقة تفكيره في كل واجهة سيدخلها خلال رحلته مع المنتج أو الخدمة.
- يتوقع متطلبات سلوك المستخدم لتصميم أفضل لنظام العمل.
- يضع خطط مسبقة تصب في إنشاء تجربة مستخدم تخدم أهداف العميل المحتمل وتطلعاته.
- يساعد في تصميم المنتج في كل مرحلة من مراحل التصميم.
- ينشئ أفكار تصميمية ونماذج أولية (Prototype) توضح كيف يبدو المنتج قبل عملية التصميم. يقدم أفكاره إلى المسؤولين عن المشروع وفريق العمل ويسمع اقتراحاتهم حول التصميم ثم يبدأ بتنفيذ الأفكار وتحويلها إلى واقع.
أهمية التصميم التفاعلي
يعني IxD الناجح أن المستخدم قادر على تحقيق أهدافه بسهولة وكفاءة سواء كان يستخدم الموقع الإلكتروني أو تطبيق الموبايل. وهذا يصبّ في تحسين رضا المستخدم وبالتالي كسب ولائه وزيادة المكاسب المادية أيضًا.
التصميم التفاعلي الجيد يحقق زيادة ممتازة في العائد على الاستثمار (ROI). بحسب ما ذكرته مجلة فوربس (Forbes) فإن أي مشروع يستثمر في التصميم التفاعلي لموقعه الإلكتروني أو تطبيقه، غالبًا ما يشهد زيادة في عدد العملاء الذين يتخذون إجراء ما يؤدي إلى زيادة الإيرادات. أضف إلى ذلك، إن موقع الويب أو التطبيق المصمم جيدًا يعزز رضا العملاء وولائهم وتكرار التجربة عدا عن تسويقهم الشفوي (Word Of Mouth Marketing) الإيجابي.
يوفر التصميم التفاعلي الجيد المال على الشركة على المدى الطويل. فعندما تكون تجربة العميل سلسة خلال الموقع أو التطبيق ولم تواجهه أية مشاكل، هذا يقلل عدد الاستفسارات والحاجة إلى حلول بل ويزيد الإيرادات.
وبهذا نكون قد قدمنا لكم أهم المعلومات عن التصميم التفاعلي ومع ذلك فإن تلك المعلومات ليست إلا غيضٌ من فيض. هذا المجال واسع الدراسة ويحتاج الكثير من البحث والتعمق لفهمٍ أفضل. يمكنك معرفة المزيد من خلال دوراتنا التدريبية في UX Writing بالعربية. احجز مقعدك الآن.
الأسئلة الشائعة
ماذا يعني التصميم التفاعلي الجيد؟
نطلق صفة “جيد” على IxD عندما يساهم بتقديم منتج سهل الاستخدام وبديهي وممتع للرؤية (من الناحية الجمالية). يسمح للمستخدم بالتفاعل وتحقيق هدفه بدون معاناة أو عوائق.
كيف يكون التصميم التفاعلي سيء؟
يمنع IxD السيء تحقيق الاستفادة من المنتج أو الخدمة. على سبيل المثال؛ إذا استغرق التطبيق أو الموقع وقتًا للاستجابة أو حصل خطأ معين في إحدى العمليات التي يقوم بها المستخدم، فهذا يزعج المستخدم وقد يبتعد عن الخدمة تمامًا.