مهما كان نوع خدمتك أو مشروعك فينبغي أن تقدّم للمستخدم تجربة إيجابية تضمن من خلالها عودته إليك وتكرار التجربة. في الحقيقة، إن تقديم تجربة مستخدم إيجابية لا يقتصر على الاهتمام بواجهة المستخدم أو إنشاء نماذج سهلة الاستخدام فقط بل يتعدى الأمر إلى العنصر الذي من أجله تقوم جميع تلك العمليات؛ من الاهتمام بتفاصيل الخدمة أو المنتج بجميع مراحلها وحتى تفادي الأخطاء، وهو المستخدم أو العميل المحتمل. إن معرفة شخصية العميل في إنشاء تجربة المستخدم هي جزئية لا تقلّ أهمية عن إنشاء استراتيجية محتوى (Content strategy) متكاملة وجذابة.
تشير الإحصائيات إلى أن العلامات التجارية التي تهتم بتجربة العملاء تحقق إيرادات أكثر من منافسيها بمقدار 6 أضعاف. ولتقديم تجربة عملاء مميزة، ينبغي أن تضع نفسك حرفيًا مكان العميل المحتمل لإنشاء شخصية العميل التي تمثل جمهورك المستهدف. لنتعرف أكثر على مفهوم شخصية العميل وما هي الخطوات اللازمة لإنشاء شخصية العميل المحتمل، بالإضافة إلى الكثير من التفاصيل الأخرى المهمة.
مفهوم شخصية العميل
شخصية العميل (Customer Persona) – وتعرف أيضًا بـ شخصية المشتري (Buyer Persona) – هي نموذج متخيَّل يصوّر شريحة معينة من الجمهور المستهدف بحيث تمنح هذه الشريحة المصمم وفريق العمل رؤية شاملة وصورة واضحة عن العملاء المحتملين بناءً على الصفات والقواسم المشتركة بينهم. تتجاوز أوجه التشابه بين الشخصيات البيانات الديموغرافية وتتعدّاها لتشمل الأهداف والدوافع والاهتمامات والاحتياجات والتوقعات ونقاط الألم وصفات أخرى.
بفضل البيانات التي يجمعها فريق العمل عن شخصية العميل من خلال أبحاث السوق وأبحاث تجربة المستخدم وتحليلات المواقع الإلكترونية وأنظمة إدارة علاقات العملاء (CRM)، يمكن فهم شخصيات المستخدمين والعملاء المحتملين واكتشاف الطريقة التي يفكرون بها ويريدون استخدام منتجك أو خدمتك من خلالها، ثم تصميم المنتج أو الخدمة على هذا الأساس.
مفهوم ملف تعريف العميل المثالي
ملف تعريف العميل المثالي (Ideal Customer Profile) – واختصارًا (ICP) – هو نسخة أكثر تطوّرًا من تحديد شخصية العميل. يظهر ملف تعريف العميل المثالي العملاء المثاليين الذين سيكونون مناسبين تمامًا لخدمتك أو مشروعك وسيمنحونك أعلى عائد استثمار.
يركّز ملف تعريف العميل المثالي على المستهلكين الذين سيميلون إلى اختيار خدمتك بنسبة كبيرة، لذا فبدلًا من وضع الجهود تحت خدمة جميع العملاء المستهدفين، يمكنك توفير جهدك ووقتك والتركيز فقط على العملاء الذين يريدون بالفعل التعامل مع خدمتك. هذا يساعد على استقطاب تلك الفئة المستهدفة بعينها ومعالجة مشاكلها وتوفير خدمة عملاء مميزة لها، وبدورها، ستكافئك تلك الفئة من العملاء بإخلاصها وبقائها على تواصل دائم مع خدمتك.
الفرق بين شخصية العميل وشخصية المستخدم
توجَّه شخصية العميل (Customer Persona) نحو الأشخاص الذين يتخذون إجراء تجاه خدمتك أو يقومون بفعل الشراء (أو تثبيت تطبيقك مثلًا) بينما تركز شخصية المستخدم (User Persona) على المستخدمين النهائيين للمنتج.
بمعنى آخر، تمكّننا شخصية العميل من فهم كيفية تصرّف صنّاع القرار أو المشترين تجاه الخدمة أو المنتج، بينما تبيّن شخصية المستخدم سمات أولئك الذين سيستخدمون المنتج أو الخدمة بشكل مباشر ويستفيدون منها.
إليك أهم الاعتبارات لفهم الفروق بين الشخصيتين:
- يمكننا تسمية العميل الدائم “مستخدم دائم” ولكن ليس بالضرورة أن يصبح المستخدم “عميل دائم”.
- إن إنشاء شخصية المستخدم أسهل بكثير من إنشاء شخصية العميل ولكل منهما احتياجات وقيم وتحديات مختلفة.
- من المهم فهم الفرق بين الشخصيتين في سياق مجال الأعمال التجارية بين الشركات (B2B). مثال بسيط: لنفرض أن مدير المبيعات لشركة ما قد اشترى برنامج إدارة علاقات العملاء (CRM) من الشركة المنتجة ليستخدمه موظفو خدمة العملاء. هنا كان المدير هو العميل لتلك الشركة بينما موظفيه هم المستخدم النهائي للمنتج. سيكون اهتمام المدير الأول متركّزًا بعوامل مثل تكلفة البرنامج والفوائد، بينما يفكّر الموظفون في عوامل أخرى مثل سهولة استخدام البرنامج وكفاءته.
المكونات الرئيسية لشخصية العميل
يعتمد تحديد شخصية العميل المحتمل على بعض البيانات النوعية والكمية، وأهم المكونات التي يمكنك من خلالها تحديد شخصية عميلك المستهدَف:
- المعلومات الديموغرافية: التي تصف من هو العميل مثل الفئة العمرية والجنس والموقع والحالة العائلية ومستوى الدخل والمستوى التعليمي.
- الجانب النفسي: الذي يصف سبب قيام العميل باتخاذ إجراء تجاه الخدمة، أي الجانب العاطفي من العملية. هذا يركز على عواطفه واهتماماته ونقاط الألم والدوافع والتحديات وتفضيلات طريقة التواصل وغيرها.
- السلوك: الذي يصف سلوك العميل بدءًا من اهتمامه بالمنتج أو الخدمة وكيف وصل إلى علامتك التجارية وحتى عملية اتخاذ قرار تجاه الخدمة.
أهم 4 أنواع لشخصية العميل
يمنحك تحديد “شخصية العميل” فكرة واضحة عن عملائك الحاليين لتستطيع فهمهم وتقديم تجربة عملاء مميزة لهم. ولكن مع وجود الكثير من أنواع الشخصيات والعقليات التي تتخذ القرار، لن يكون تحديد مسار واحد لشخصية العميل كافٍ لفهم مجموعة كاملة من العملاء المحتملين.
لذا من الأفضل مراعاة الأنواع الأربعة التالية لشخصيات العملاء بناءً على حالتهم النفسية:
الشخصية التنافسية (Competitive personas)
يتطلّع هذا النوع نحو الخدمة الأفضل ولا تهمه التكلفة المادية. إنه يريد أفضل ما يمكن شراؤه بالمال. الشخصية التنافسية مدفوعة بالرغبة في العثور على أفضل الحلول بين بحر المنافسين. فإذا كنت تريد أن يلاحظوا خدمتك ينبغي أن تسلّط الضوء على مزايا منتجك التنافسية. بمجرد اقتناعهم أن منتجاتك قادرة على حل مشاكلهم بسرعة، سيتحولون بكل سرور إلى عملاء مخلصين ويروّجون لأعمالك.
الشخصية العفوية (Spontaneous personas)
تميل الشخصية العفوية إلى الخدمة ذات السرعة والكفاءة الأعلى والبساطة في العمل. تبتعد هذه الشخصية عن الخدمات المليئة بالمعلومات والأرقام والإحصائيات وتتخذ إجراء تجاه الخدمة بمجرد لاقت طلبها في المنتج، أي الأمر لديها مجرد غريزة.
الشخصية الإنسانية (Humanistic personas)
تحب هذه الشخصية التفاصيل. تريد معرفة القصة وراء علامتك التجارية حيث تحفّزها العاطفة لاتخاذ إجراء. إنها متعاطفة وتقدر الجانب الإنساني في العمل. لذا ترى هذه الفئة من الشخصيات تزور صفحات التواصل الاجتماعي خاصتك وصفحة “نبدة عنا (About Us)” وأي تفصيل يقودها إلى معلومات عنك قبل اتخاذ أي إجراء تجاه خدمتك. يجب أن تتأكد الشخصية الإنسانية من نواياك التسويقية قبل أن تدعمك.
الشخصية المنهجية (Methodical personas)
تجري هذه الشخصية عمليات بحث دقيقة لتتأكد كيف سيحلّ منتجك مشكلتها. تعتمد في بحثها على الأدلة المؤكدة وتهتم بأدق التفاصيل قبل اختيار خدمتك. هذا يجعل الشخصية المنهجية النوع الأكثر تحدّيًا وصعوبة في الإقناع. تحتاج الرعاية طوال فترة رحلتها مع المنتج.
الخطوات الأساسية لإنشاء شخصية العميل
يتضمن إنشاء شخصية العميل عدة خطوات أساسية هي باختصار:
- جمع البيانات: جمع المعلومات حول شرائح العملاء (الجمهور الهدف) من خلال أبحاث السوق وإجراء أبحاث تجربة المستخدم والدراسات الاستقصائية والاستطلاعات وتحليل بيانات العملاء الحالية.
- التحليل والتحديد: بعد جمع البيانات، ينبغي تحليلها لتحديد الأنماط والسلوكيات والخصائص المشتركة بين عملائك المحتملين.
- تطوير الشخصية: في هذه المرحلة، حاول تطوير كل شخصية من شخصيات العملاء المحتملين من خلال إعطائها اسمًا وتفاصيل ديموغرافية واهتمامات وسلوكيات معينة واحتياجات وحتى نقاط الألم والتحديات.
- إنشاء قصة الشخصية: أي أنشئ سردًا مبسّطًا يوضح الحياة اليومية لكل شخصية، الخلفية الثقافية، التحديات التي تواجهها، كيف تفكر، كيفية تفاعلها مع منتجك أو خدمة. يبدو الأمر وكأنك تدرس حياة العميل المحتمل كي تتوافق معها عندما تنشئ شخصيته. بعد ذلك تُنشئ شخصية العميل الأولية (Proto-Persona).
- التحقق والتحسين: بعد إنشاء شخصية العميل الأولية ينبغي دائمًا التحقق من مسار الشخصية وتحسينها بناءً على تعليقات العملاء واتجاهات السوق.
أهمية دراسة شخصية العميل
السبب الأول والأهم لدراسة Customer Persona هو فهم الجمهور الهدف بشكل أفضل وتسهيل مجال الوصول إليهم. تساعدك دراسة شخصية العميل على انتقاء العملاء الأكثر اهتمامًا بمجال عملك ومحاولة التخصيص (Personalization) أكثر كي تبني قاعدة من العملاء الدائمين.
يساعد بناء الشخصيات وتحسينها في كل مرة أيضًا على اتخاذ القرارات الأفضل عندما يتعلق الأمر بموضوع مصيري في العمل، مثل عملية تطوير الخدمة أو المنتج ليلائم الجمهور. عمومًا، يعتبر تطوير شخصية العميل أداة فعالة جدًا لأي شركة تريد التواصل بالفعل مع جمهورها المستهدف والنمو بين المنافسين.
هناك الكثير من المعلومات المهمة والتفاصيل الدقيقة المتعلقة ببناء شخصية العميل بالشكل الأفضل لعلامتك التجارية، ولكن يحتاج الأمر بحثًا مطوّلًا والخوض في جزئيات ينبغي شرحها معمّقًا وبالتفصيل لفهم أفضل. لذا لمزيد من المعلومات على يد أهم خبراء المجال، احجز مقعدك في دوراتنا التدريبية في UX Writing بالعربية. ولا تنسً أن فهم شخصية العميل يساعدك على كتابة تجربة عميل مميزة، ولتفاصيل أكثر حول هذا الموضوع، سارع إلى التسجيل في الدورة التأسيسية في كتابة تجربة العميل.
الأسئلة الشائعة
ما هي أهم المعلومات الواجب تضمينها عند إنشاء شخصية العميل؟
أهم المعلومات الأساسية: الاسم – وصف العميل – المعلومات الديموغرافية – الاحتياجات والدوافع – نقاط الألم – رحلة هذا العميل المحتمل مع خدمتك.
كم عدد الشخصيات الواجب إنشاؤها من أجل الخدمة أو المنتج؟
اعتمادًا على نوع الخدمة أو المنتج. أقلُّها شخصية أو اثنتين، وقد يحتاج الأمر 10-20 شخصية. وبشكل عام، يعتبر بناء 3-8 شخصيات كافٍ في معظم الخدمات.
متى يفشل بناء شخصية العميل؟
في حالتين:
- عندما تكون المعلومات عن العميل مختزلة جدًا فتصبح غير مفيدة، أو معقدة جدًا بشكل فائض ومشتّت.
- عندما لا تُجرى التعديلات على شخصية العميل باستمرار وبسرعة لتتكيّف مع احتياجات المستخدم، أو تُعدّل بسرعة كبيرة يصبح من الصعب اعتمادها وبناء نتائج على أساسها.