تجذب الكلمات الانتباه الذي تستحقه في عالم تصميم تجربة المستخدم بشكل تدريجي. هذا أمر رائع بالتأكيد، ولكن ما زالت هناك بعض الحيرة حول الكلمات. نوضح في هذا المقال كتابة تجربة المستخدم (UX Writing) والفرق الذي تُحدثه الكلمات، وما تضيفه في عمليات التصميم الحالية.
كـ كاتب تجربة مستخدم (UX Writer) أقضي وقتًا طويلاً في “تصميم الكلمات”. قد يبدو هذا غريباً للبعض، لأن التصميم عنصر مرئي، أما الكلمات فهي من اختصاص كاتب الإعلانات (copywriter)، أليس كذلك؟
أعتقد أن كتابة تجربة المستخدم هي مهمة تتعلق بالتصميم أكثر من الكتابة التسويقية. فكاتب تجربة المستخدم يتعاون مع المطورين ومصممي تجربة المستخدم (UX designers)، وبالتأكيد يجب أن يمتلك مهارات الكتابة الإعلانية. لكن لتصبح ناجحاً، عليك اتباع سير عمل العمليات التي تربط الكتابة بالتصميم والتطوير.
ذات صلة: ما هو الفرق بين كاتب المحتوى وكاتب تجربة المستخدم؟
لا يُقاس نجاح كاتب تجربة المستخدم بالكلمات التي يكتبها، بل بنجاح المنتج الذي يساعد في بنائه، كالمكونات المرئية والوظائف المختلفة. لذا تُعد الكلمات والنصوص التي يكتبها جزءاً من الوصفة لمساعدة المستخدمين على إتمام المهام المطلوبة منهم.
واحد من التعريفات التي جعلتني أفكر يقول “التصميم هو توضيح النية”. لا يمكنني التفكير في طريقة أفضل لعرض النية سوى توضيحها بالكلمات للمستخدمين وإخبارهم مباشرة بالإجراء المطلوب منهم. وكما يمكن لقليل من الملح بدلاً من السكر أن يفسد مذاق الكعكة، يمكن للاختيار السيئ للكلمات خلق تجربة غير جيدة للمستخدم. وبالتالي إرسال أمواله إلى خزائن المنافسين. والمقصد هنا أنه سيغادر المنتج دون عودة. وهذا هو المقصود بـ “تصميم الكلمات”. لكن هل فكرت مسبقًا في أسباب وجوب التفكير في اختيار الكلمات؟
المحادثة هي أساس التفاعل الرقمي 🗣
حان الوقت لينظر أصحاب الأعمال والمشاريع الرقمية إلى واجهات المستخدم (UI) على أنها محادثة وليست مجرد عناصر مرئية.
لا ينتظر المستخدم من الحاسوب أن يجيب بـ “نعم ولا” فقط بعد الآن. بل أنه لن يقبل بذلك في ظل التطور التكنولوجي الذي نعيشه. يريد المستخدم الإجابة على أسئلة مثل كيف ولماذا؟ وكما هو الحال في أي محادثة طبيعية، يجب أن تنتقل المعلومات بينه وبين المنتج/التطبيق بلغة ودودة وحقيقية.
ولا يقتصر الأمر على النبرة والصوت فقط (Voice & Tone) فقط، بل ينطوى أيضًا على التعاطف. فالهدف من المحادثة هو مساعدة المستخدمين على تلبية احتياجاتهم. لذا يجب أن تكون النصوص المصغّرة (microcopy) هادفة وقابلة للقياس.
ذات صلة: كل ما تريد معرفته عن النبرة والصوت في كتابة تجربة المستخدم
تنتقي الشركات مثل Monzo (تطبيق بنكي) كل كلمة بعناية لتمنح المستخدم شعورًا بالمحادثة الواقعية. وتلتزم في نفس الوقت واجهة تجربة المستخدم فيها باتباع مؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs) لتحقيق أهداف المنتج.
إليك هذا المثال في كتابة تجربة المستخدم، والذي يحدد هدفاً واضحاً وقابلاً للقياس، وهو “تقليل عمليات شحن بطاقة الدفع والخصم من Apple”. عند قراءة هذا النص كمستخدم لا بد أنك ستشعر بالشفافية والوضوح، مما يدفعك للموافقة على طلبهم بكل سرور.
تساعد الكلمات Monzo على إحداث ثورة في صناعة ضخمة. فالبنوك التقليدية غير منفتحة بنفس القدر، لكنها تستخدم مصطلحات مالية معقدة في تطبيقاتها. أما عند استخدام تطبيق Monzo تشعر وكأنها محادثة مع زميلك، فهم يتحدثون باللغة التي يتحدث بها المستخدم. ولا يمكن لأي تطبيق أو منتج الوصول لهذا المستوى من التعاطف والألفة مع المستخدم إلا باندماج كاتب تجربة المستخدم وفريق العمل في عملية التصميم منذ البداية وتكوين فهم دقيق لأهداف العمل.
ابدأ في تصميم الكلمات كجزء من العملية الأساسية ✍
عندما تبدأ بالتفكير في الواجهات على أنها محادثة ستبدأ بإعطاء أهمية كبيرة للكلمات والنصوص داخل المنتج/التطبيق. وفي عملك ككاتب تجربة مستخدم، تكون مسؤولاً عن معرفة احتياجات المستخدمين. وذلك من خلال إجراء مقابلات معهم، وإنشاء نماذج أولية (Prototypes) واختبارها عليهم. تكون هذه الأنشطة والمهام أكثر فاعلية ونجاحاً عندما تضع في اعتبارك أهمية الكلمات والنصوص.
إليك بعض الطرق لتطبيق ذلك:
- إذا كنت بصدد إجراء مقابلات مع المستخدم، اطلب من المشرفين الاستماع إلى اللغة التي يستخدمها المشارك والنصوص التي يتحدث بها. ثم اكتبها وسجّلها لأنها وسيلة ممتازة تعرف من خلالها الكلمات التي تناسب المستخدم أكثر. وستعرف أيضاً إذا ما تم استخدام كلمات مختلفة لمجموعات مختلفة من المستخدمين لوصف الشيء نفسه.
- عند إجراء اختبار قابلية الاستخدام (usability testing) لا مانع أيضًا من إجراء اختبار قابلية الفهم لتستطيع الإجابة على أسئلة مثل: هل نجحت الكلمات في إخبار المستخدم بالمطلوب منه؟ هل تخبره بمكان وجوده وموقعه داخل المنتج؟
- عندما تُجري اختبار Guerilla سريع للتحقّق من بعض الكلمات والمفاهيم، يفضّل أن تستغل الفرصة لاختبار النصوص والعبارات. اطلب من المشاركين في الاختبار تلوين الكلمات التي لا يفهمونها أو تسبب لهم الحيرة باللون الأحمر، والكلمات التي تشعرهم بالبهجة أو تعطيهم معلومات يحتاجونها باللون الأخضر. يمكنك استخدام ألوان أخرى لأهداف أخرى. بل يمكنك حتى أن تطلب منهم مباشرة أن يقترحوا عليك الكلمات التي يرونها مناسبة.
🎯 اختبارات Guerilla: طريقة لتقييم مدى فاعلية واجهة الاستخدام من خلال اختبار مكوناتها على الجمهور المستهدف وتسجيل ملاحظاتهم وانطباعاتهم وتعليقاتهم، كما أنها طريقة سريعة ومنخفضة التكلفة مما يجعلها وسيلة اختبار جيدة في تجربة المستخدم. |
هذه مجرد أمثلة بسيطة توضّح كيف يمكن البدء في تصميم الكلمات التي تستخدمها. وينبغي الإشارة إلى أنه في حالة إسناد هذه المهام والمسؤوليات إلى كاتب الإعلانات أو أي شخص آخر بدلاً من كاتب تجربة المستخدم، يفقد المنتج/التطبيق فرصة إنشاء محادثة فعّالة مع المستخدم.
بمجرد تسليم المنتج.. راجع الكلمات لمعرفة كيف يمكن تحسينها لأن عملية الاختبار مستمرة ولا تتوقف عند إصدار المنتج أو التطبيق. بل يجب الاستمرار في اختبارها والعمل على تحسين كتابة تجربة المستخدم دائماً.
خاتمة
توقف عن التفكير في اللغة وقابلية الاستخدام بشكل منفصل. فالكلمات جزء أساسي ليكون المنتج قابلاً للاستخدام. وكلما أدرك الفريق المسؤول عن المنتج ذلك مبكراً، أصبحت تجربة المستخدم (UX) أفضل. خاصة أننا الآن ننتقل تدريجياً إلى عالم من دون شاشات أو عناصر مرئية، وبالتالي تصبح الكلمات هي الطريقة الوحيدة لربط النشاط التجاري والمشروع الرقمي بالمستخدم. لذا فالوقت الحالي هو أفضل وقت للتركيز على كتابة تجربة المستخدم في المنتجات الرقمية.
المراجع: ترجمة -وبتصرّف- للمقال UX writing and the customer experience: won’t somebody please think of the words?