صناعة المحتوى تتمثل من خلال طرح أي مادة مكتوبة أو مقروءة أو حتى مسموعة أمام الناس، وجميع هذه الأنواع تسمى محتوى، تطورت صناعة كتابة المحتوى عموماً خلال السنوات الماضية لتسيطر على كافة جوانب حياتنا.
يمكننا القول بأننا وصلنا لدرجة عدم الاستغناء عنه، خاصة بعد تطور أنواعها وتعددها وانتشارها إلكترونيا، نتعايش ونتفاعل معها يومياً.
وبسبب رغبة الناس على الاطلاع بشكل مباشر على جميع الأحداث والتطورات الحاصلة في العالم على جميع الأصعدة أصبحت من المجالات المطلوبة وبكثرة.
ولكن… هل يمكننا القول بإن كل أنواع الأطعمة مستساغة من الجميع؟ طبعاً لا.
وهكذا تماماً مجال صناعة المحتوى.. فليس كل ماهو مطروح أمامنا يشكل مادة قابلة للقراءة ذات فائدة ونأخذ ما نريده منها.
لذلك.. إن كنت من المهتمين بصناعة المحتوى وتريد الارتقاء بطموحك لتقديم شيء رائع ومذهل للناس.
قام فريق عملنا في منصة UX بالعربية بالبحث عن أهم وأفضل الأسرار لتظهر لجميع الناس كصانع محتوى رائع، وتستطيع القيام بمهمتك بأسهل الطرق.
ومن هذا المنطلق ننقل لكم تجربة أهم مطوري أدوات صناعة المحتوى التي تساعدك باختيار محتواك المناسب أمام عملائك…. حتى قبل البدء بكتابته..نعم نحن نعلم ما تبحث عنه ونوفره لك.
خطوات هامة قبل البدء بالكتابة.
يتكلم المختص في كتابة تجربة المستخدم Bjorn Bergslien) UX Writing) عن تجربته في كتابة المحتوى للمواقع قائلاً:
“عملت مرتين خلال مسيرتي المهنية كمحرر لمواقع الإنترنت. وفي المرتين شعرت بضغط مستمر داخل المكان الذي اعمل به، من أجل نشر محتوى عبر الانترنت بكل بساطة، ولكنه لم يكن بالجودة المطلوبة ليرى النور.
في الآونة الأخيرة، خلال عملي كمستشار، رأيت العديد من محرري محتوى المواقع يعانون من نفس المشكلة بالضبط. حيث يعانون من كثرة الضغط في أماكن عملهم لصناعة ونشر المحتوى، ونتيجة هذا الضغط يُنتج محتوى متدني الجودة وغير صالح للنشر”.
ولكنني سأعرض عليكم في هذا المقال إمكانية التغلب على هذه المشكلات والاستمرار في إنشاء محتوى يلقى رواجاً لدى العملاء.
يستمر Bjorn قائلا :”في عام 1970، أي قبل 25 عاماً من بدء استخدام الناس للإنترنت، قام الكاتب والباحث المعرفي الأمريكي (Alvin Toffler) بنشر مصطلح زيادة المعلومات. “
في الآونة الأخيرة نلاحظ انطباق هذا المصطلح على أرض الواقع خاصة بعد ازدياد العدد الإجمالي للمواقع على ما يزيد المليار، حيث يعتبر مثال حقيقي على المفهوم الذي روج له Toffler.
من هذا المبدأ دعونا نلقي الضوء على بعض الاحصائيات لتوضيح الحالة أكثر:
- يتم تحميل 80 صورة على تطبيق انستغرام كل يوم.
- يتم تحميل 300 مليون صورة على تطبيق فيسبوك كل يوم.
- يتم إرسال 500 مليون تغريدة يومياً.
- يتم إنشاء 40 مليون منشور شهرياً على وردبرس.كوم.
- يتم تحميل 500 ألف ساعة فيديو على يوتيوب كل يوم.
- يتم إرسال 145 مليار بريد إلكتروني يومياً.
بذلك نكتشف أننا غارقون تماماً بكافة أنواع المحتوى.
يكمل Bjorn موضحاً: “يقول (James Gleick) مؤرخ ومؤلف كتاب The Information عندما تكون المعلومات فقيرة، يصبح الحصول على الاهتمام صعباً.”
ما يقصد قوله هو، بسبب تعرضنا يومياً لكميات هائلة من المحتوى والمعلومات المتزايدة، فقد أصبحنا أكثر حرصاً وانتقائية فيما يتعلق بنوع المحتوى المراد متابعته ونهتم به.
حيث يكمن السر وراء جذب انتباه المستخدمين إلى تطوير وتقديم محتوى جذاب يلهم قارئيه ويقوم بعملية بيع ناجحة لأي خدمة أو منتج، وللقيام بهذا الأمر يمكن لأي صانع محتوى اتخاذ خطوات بسيطة قبل إنشائه للمحتوى، وأولها عملية التفكير التي تتميز كخطوة أولى لإنشاء محتوى رائع، وهي تتجلى بالتحديد بكلمة “رائع”.
ماهو المحتوى الرائع؟
لا تتعلق صناعة المحتوى المبهر بالجلوس أمام صفحة بيضاء فارغة. ولا يتعلق الأمر أن تكون شاعراً (كشكسبير) أو متألقاً (كهمنغواي). إن إنشاء وصناعة محتوى رائع لا يتعلق أساساً باختيار الكلمات الصحيحة.
لكن الغرض الأساسي هو تحقيق أهداف المحتوى وتلبية احتياج العملاء.
وكما تقول خبيرة استراتيجيات المحتوى (Erin Kissane) في كتابها Elements of content strategy. “هناك مبدأ أساسي واحد فقط لصناعة محتوى جيد وهو أن يكون مناسب لنشاطك التجاري وعملائك ويلبي الغرض منه”.
ويمكننا أن نعتبر أن هذه هي نقطة البداية.
وكمثال على تلبية المحتوى لهدفه وخدمة عملائه, يمكننا ذكر موقع الحكومة البريطانية gov.uk حيث يعتبر محتواهم ممتاز ويلبي الهدف الرئيسي له وهو تقليل المكالمات الهاتفية والرسائل الإلكترونية للاستفسار عن إجابة العملاء، حيث وجدوا الحل بإنشاء موقع على الإنترنت يساعد الأشخاص بالعثور على أجوبة لاستفساراتهم من خلال معايير رائعة للمحتوى تلبي احتياجات مستخدميها.
لنفرض على سبيل المثال، بإن هنالك شخصاً يريد التقدم بطلب على تأشيرة طالب. يقوم بزيارة صفحة تأشيرة استضافة طالب. ضمن هذه الصفحة يتم الإجابة عن أسئلة أساسية مثل:
- هل أنا مؤهل للحصول على تأشيرة طالب؟
- كيف أتقدم بطلب للحصول على تأشيرة طالب؟
- كم تكلفة التقديم؟
- كم من الوقت يستغرق الأمر؟
إضافة إلى ذلك ترتبط هذه الصفحة بعدة صفحات ذات الصلة، حيث يمكن للمستخدمين متابعة رحلة المستخدم (User journey) الخاصة بهم عبر (نماذج) للطلبات ومتطلبات التأشيرة بالإضافة لصفحات مقترحة لتسهيل العملية وتسهيل عملية أخذ القرار.
من خلال هذه العملية وفّرت الحكومة البريطانية الكثير من الأموال، فبدلاً من التأهب دائماً للزيارات الشخصية للطلاب أو التواجد بشكل دائم على الهاتف وفرت لهم موقعاً ذو محتوى غني يجيب عن كافة استفساراتهم، وتقديم طلباتهم إلكترونياً.
طريقة التفكير لإنشاء محتوى جذاب.
ويتابع Bjorn قائلاً: “أثناء عملي في وكالة Netlife Research النرويجية المختصة بمجال ال UX قمنا بتطوير مجموعة من الأدوات والتقنيات التي تساعد صنّاع المحتوى على تحديد أهداف ومهام المستخدم والتفكير بفاعلية المحتوى حتى قبل كتابته.
ومن أهم الطرق المستخدمة:
- النموذج الأساسي.
- إطار المحتوى.
- الكتابة المزدوجة.
وهذه الطرق لا تغني تماماً عن استراتيجية كتابة المحتوى، ولكن يمكنها أن تكون اضافة ممتازة.
ومن أجل فهم كل طريقة علينا أن نفهم معناها بالتفصيل، لذلك تابعوا معنا للنهاية:
-
النموذج الأساسي:

هي أداة أنشأها ( Are Halland) تتمكن من رسم أهداف المشروع، ومهام المستخدم، ومتطلباته. يعتبر النموذج الأساسي مفيد في مرحلة بناء التوجه الأولي لفكرة مشروعات التصميم كطريقة للحصول على مدخلات من أعضاء مختلفين ضمن فريق المشروع بكافة اختصاصاته.
يمكن لأعضاء المشروع استخدام النموذج الأساسي بشكل ثنائي أو ضمن مجموعات لتدوين ومناقشة أهداف العمل، ومهام المستخدم، والمسارات الداخلية (أي كيف يصل العميل الى هذه الصفحة بالتحديد)، والعمل على المسارات التالية لكل عملية دخول (أي ما يفترض أن يفعله العملاء بكل خطوة قادمة) كما يمكن استخدامه أيضاً لتصميم أو تخيل المحتوى الأساسي.

يعتبر النموذج الأساسي مفيداً عند مراجعة المحتوى القديم أو إنشاء محتوى جديد أو بناء هيكل موقع إلكتروني. حيث يقوم بالتركيز على إعداد صفحات أكثر تنظيماً مرتبطة أكثر بالمشروع، و تهتم باحتياجات العميل.
-
إطار المحتوى:

هو نموذج يمكن لصنّاع المحتوى طلبه من المختصين لتعبئته قبل الشروع بإنشاء محتوى جديد. يوفر هذا الإطار مساحة للرسائل المباشرة، بالإضافة إلى معلومات مثل أهداف العمل والعملاء المحتملين لضمان معرفة صنّاع المحتوى احتياجات عملائهم وصناعة محتوى يخدم أهداف ومتطلبات العمل.
إنشاء نموذج محتوى يساعد في الإجابة على الأسئلة الحيوية لإنشاء محتوى رائع:
ومن ضمن هذه الأسئلة …
- ماهو الهدف من هذا المحتوى؟
- كيف يدعم المحتوى أهداف واستراتيجية العمل؟
- من سيقرأ بعد النشر؟
- ماذا نتوقع من القارئ؟
- لماذا يقرؤون هذا المحتوى؟
- ما هي الكلمات المفتاحية التي يجب تضمينها في العمل؟
يمكن الوصول إلى هذا النموذج من جميع أعضاء الفريق مهما كانت مسمياتهم أو اختصاصهم الوظيفي، حيث يساعدهم على فهم احتياجاتهم أكثر قبل الشروع بالكتابة، كما يمكن استخدام هذا النموذج بشكل يومي كإجراء روتيني لتطوير المحتوى.
-
الكتابة المزدوجة:

هي تقنية مشتقة من البرمجة الزوجية، حيث يعمل شخصان معاً لكتابة البرامج. في البرمجة الزوجية يكتب المبرمج الرئيسي الكود بينما يقوم الآخر بمراجعة كل سطر من التعليمات البرمجية في الوقت الفعلي. الفكرة في هذه التقنية هي التعاون.
فهل هي فعالة بشكل مطلق، نعم يمكننا القول بأنها فعالة جداً حيث أثبتت الدراسات، مثل دراسة تقييم أداء تصميم الأزواج في الصناعة. أن التعاون بشكل ثنائي (أي شخصين معا على نفس المشروع) له تأثير إيجابي على كل من الجودة ووقت التسليم.
في العديد من مشروعات مؤسستنا نقوم بتطبيق هذه التقنية في عملية إنشاء المحتوى. حيث نقوم أولا باختيار الصفحات التي تحتاج الى العمل عليها. ثم نقوم بترتيب ورشة عمل مع الفريق وأعضاء المشروع.
خلال ورشة العمل يتم العمل على الصفحات المختارة مسبقاً. يقوم الكاتب بكتابة المحتوى ويتم عرضه على المشاركين في المشروع لطرح اسئلتهم النقدية، بعد فترة يقوم المشاركون بتبادل زملائهم ضمن الفريق للحصول على أكبر عدد ممكن من المدخلات والتعليمات.
عندما يجلس الناس معاً ويعملون على إنشاء محتوى، يبدع الفريق. فجأة نفهم أن التركيز ليس على إنتاج عدد كبير من المحتوى الرديء ولكن نحصل على مناقشات مثمرة حول معنى وجودة وأهمية المحتوى. وبالتالي تعتبر هذه الخطوة مكان خصب للإبداع والبدء بكتابة محتوى مميز ورائع.
و مع تكرار القيام بهذه العملية، تكون النتائج أفضل. حيث يعد العمل المشترك في الكتابة وتبادل الأفكار بداية رائعة ولو لمرة واحدة في الشهر.
وتأتي قيمة هذه الأساليب من خلال جعل الناس يفكرون قبل الكتابة، وهو ما سيعود بالفائدة على صانعي المحتوى أثناء تعاملهم مع الضغط داخل مقرات عملهم لإنتاج كميات كبيرة من المحتوى خاصة عندما يكونوا مطالبين بإنجازه سريعاً.
مع الزمن، ستصبح هذه الأدوات أساسية لتلبية أهداف المشاريع حيث يمكن لهذه الأساليب أن تساعد في إنشاء إجراءات جديدة تماماً لإنشاء محتوى عالي الجودة وتنظيمه بشكل أفضل.
وختاماً يمكننا القول بأننا تعرفنا على أهم الأدوات والأساليب التي تساعدنا للبدء بكتابة محتوى رائع يلقى رواجاً لدى الفئات المستهدفة لمشروعك، دون الحاجة إلى التجربة واختبار المحتوى بعد طرحه، بكل بساطة ادرس هذه الأساليب بشكل جيد وستصبح قادراً على صناعة محتوى يليق بمكان عملك. ولهذا طورنا محتوانا في UX بالعربية لتشمل دورات مكثفة تصنع منها مستقبلاً مهنياً يليق بك ومنها دورة تخطيط وتنفيذ دراسة قابلية الاستخدام حتى تستطيع تطبيق ما تكلمنا عنه ضمن مقالنا.
المراجع: ترجمة_وبتصرّف_للمقال