أهمية النبرة والصوت (Tone & Voice) في كتابة تجربة المستخدم

إن صياغة وإنشاء نَص قيّم ومقنع يتطلب غرس صوت وشخصية العلامة التجارية بنبرة بشرية يستجيب لها المستخدم. بصفتي كاتب تجربة المستخدم UX Writer تواجهني العديد من التحديات في اختيار النبرة والصوت (Tone & Voice) المناسبيَن للعلامة التجارية. كيف أجذب العملاء والمستخدمين للقراءة؟ كيف أستطيع مساعدتهم في فهم ومعرفة الخطوة التالية التي يجب عليهم اتخاذها؟ وكيف أتواصل مع المستخدمين عاطفياً؟
لكن يظل التحدي الأكبر هو كيفية تحقيق التوازن بين احتياجات المستخدم واحتياجات العمل التجاري.

بصيغة أخرى التوافق بين التعاطف مع المستخدم وشخصية العلامة التجارية. غالباً ما يكون لديّ إرشادات محددة للغاية عليّ اتباعها والتي تهدف لخلق تواصل فعّال مع المستخدم. لكن وجدتُ أن التقيّد الصارم بهذه الإرشادات قد يأتي بنتيجة معاكسة في بعض الأحيان إذ يُجبر المستخدم على الدخول في معادلة لا تهمّه.

ذات صلة: أهمية التعاطف في منهج التصميم المتمحور حول الإنسان

وحل هذه المشكلة يكمن في استخدام نبرة صوت ودودة وجذّابة مثل استخدام كلمة (رائع) في المكان المناسب. أو ربما الاستعانة بقليل من الدعابة والمرح. هذا كله يقع ضمن استراتيجية المحتوى التي يتم تصميمها بغرض الاحتفاظ بالمستخدم قدر الإمكان ومنعه من مغادرة الموقع أو المنتج الرقمي.

احترم المستخدم والعلامة التجارية

هذا هو لُبّ المعضلة.
“هذا رائع” أسمعُ المستخدمين يقولون ذلك عندما يجدون القليل من نبرة الفكاهة على الشاشة أثناء انتظارهم لتحميل شيء ما. هذا يجعلني أشعر بالفرح.

“لكن هذا لا يعبّر عن علامتنا التجارية” تلك العبارة الشائعة التي يستخدمها مديري التسويق الذين – على الرغم مما يقوله المستخدمون – يهتمّون أكثر بالعلامة التجارية قائلين “علينا الحفاظ على شخصية العلامة التجارية الخاصة بنا”.

وجهة نظرهم هذه والتي قد تبدو غير جيدة إلا أنها واقعية. إذ إن نبرة الصوت المتسقة مع شخصية العلامة التجارية هي ما تجعلها قابلة للتصديق وجديرة بالثقة وبدونها يتكوّن لدى المستخدمين انطباع متناقض عن العلامة التجارية.

لذا نواجه نحن – ككتّاب تجربة المستخدم – هذا التحدي: ينبغي علينا “الحفاظ على شخصية العلامة التجارية”. لكن في الوقت نفسه ينبغي علينا أيضاً تعزيز التعاطف مع المستخدمين. هذا النوع من التفكير التصميمي قد يدفعنا إلى الخروج قليلاً عن الحدود التي وضعناها لأنفسنا. لإن إنشاء منتج ناجح لا يقتصر فقط على بناء شخصية العلامة التجارية للمنتج بل يحتاج كذلك إلى تجربة استخدام يعتقد مستخدمي المنتج أنها رائعة بما يكفي لإخبار الآخرين عنها وترشيحها لهم.

النبرة والصوت والسياق، بيت القصيد

طلبتُ من بعض كتّاب تجربة المستخدم UX Writers إضافة أفكارهم وخبراتهم حول كيفية استخدامنا للنبرة لتوصيل إحساس قوي للمستخدم بشخصية العلامة التجارية وكذلك توفير تجربة مستخدم جيدة. كانت أغلب الأفكار والنصائح تتركّز حول معرفة الفرق الحقيقي بين النبرة والصوت للمنتج.

قد يكون الصوت أكثر تحفظاً والتزاماً، لكن النبرة يمكن أن تكون مبهجة/مرنة.

يقول محمود عبدربه (مؤسس المنصّة) والخبير في كتابة تجربة المستخدم وتصميم المحتوى:

النبرة دائمًا متغيرّة حسب حالة المستخدم في المشروع الرقمي، ولكن الصوت الخاص بالعلامة التجارية ثابت ولا يتغيّر.

كما تقول Shelly Bowen خبيرة المحتوى التي تساعد الشركات الصغيرة على تطوير علامتها التجارية. وتضيف:

الصوت هو علامتك التجارية، أما النبرة فهي الحالة المزاجية.

وبالتأكيد، السياق هو المفتاح لاستكشاف الحالة المزاجية. في لحظات الحقيقة تلك التي تساعدنا على التواصل مع المستخدم عاطفياً بدون المغامرة بشخصية علامتنا التجارية.

بينما توضح لنا Anne McColl كاتبة واجهة المستخدم UI التي تعمل في البرامج والمواقع الإلكترونية التي تواجه المستخدم:

ليس من المعقول أن تقرر الحديث بنبرة مرحة أثناء كتابتك مقال عن قانون الضرائب مثلاً. بينما في حالة قيام المستخدم بالضغط على زر إرسال ويطلب منه الموقع الانتظار لمدة 30 ثانية فهذا هو الوقت المناسب لاستخدام نبرة مرحة كأن تقول “مرحباً، كيف ستنفق أموالك؟”.

 

أهمية النبرة والصوت في الكتابة لتجربة المستخدم
لاحظ كيف أن النبرة المستخدمة لا تناسب المستخدم.


وتضيف McColl:

إذا كان عليك الاختيار بين النبرة المرحة وقابلية الاستخدام فعليك الانصياع لقابلية الاستخدام. ودَع النبرة المرحة لما بين السطور والأحداث. لكن في بعض الأحيان يحدث العكس أن تختار النبرة المرحة في عنوان فرعي مثلاً إذا رأيتَ أن ذلك أفضل فلا مانع.

توافق Bowen على ذلك وتشجّع كُتّاب تجربة المستخدم لمساعدة المسوّقين على رؤية سياق الجُمل والنصوص وتضربُ مثالاً:

عندما تقرأ كتاباً فأنت تعلم أن هناك صوتاً ثابتاً، قد يبدأ ببطء ثم يتسارع وبعد ذلك ربما يخفت. لكن دائماً وأبداً تستطيع ملاحظة أن المؤلف لم يخسر صوته أبداً.

ذات صلة: لهذه الأسباب أنت بحاجة إلى كاتب تجربة مستخدم في فريق تصميم المنتجات

تجميع الكلمات المناسبة

عندما يُعارض المسوّقون كلمة أو عبارة ما على الرغم من إدراكنا – نحن ككُتّاب تجربة المستخدم – أنها كلمة فعّالة ولها تأثير عاطفي إيجابي على المستخدم. في هذه الحالة يجب أن نتأكد من فهمهم – أيٌ المسوّقين – للسياق. وإذا لم ينجح ذلك فيمكننا أن نسأل أنفسنا: هل هناك نبرة أخرى أو كلمة أخرى نستطيع استخدامها بحيث تؤدي نفس المعنى ويكون لها نفس التأثير على المستخدم وفي نفس الوقت لا تتعارض مع شخصية العلامة التجارية؟

وهذا بدوره يقودنا إلى تحدي آخر كبير في كتابة تجربة المستخدم (UX Writing): أي لغة تمتلك عدد محدود من الكلمات. فقط بإمكانك أن تسأل كاتب في مجال الطعام مثلاً عن معنى بديل لكلمة “مقرمش” أو كاتب في مجال صناعة السيارات عن مرادف لكلمة “مثقوب”. كذلك هو الحال مع كُتّاب تجربة المستخدم فمثلاً العديد منهم يستبدل جملة “404 صفحة غير موجودة” بكلمة “أوبس، أوه”. لم يتمكّنوا من إيجاد بديل أفضل من ذلك.

ذات صلة: هل تخصص كتابة تجربة المستخدم يناسبك أم لا؟ 9 طرق لتكتشف بنفسك

ولذلك تنصح McColl ببناء وتجميع مكتبة من الكلمات الجيدة كما تفعل هي إذ تساعدها على الاستمرار في الإبداع. وكذلك حل النزاعات التي تنشأ بينها ككاتبة تجربة المستخدم وبين فريق التسويق حول النبرة المناسبة للاستخدام.

لا تتخلى عن محاولة إيجاد طرق جديدة لتكون مبدعاً. كما تقول Allison Ashton كاتبة تجربة المستخدم التي تعمل في مواقع خاصة بالعناية الصحية:

إذا كنتَ قد حاولت الكتابة بمئات الطرق المختلفة دون جدوى، فربما عليك تجربة الكتابة عن أشياء ومواضيع لا علاقة لها بعلامتك التجارية التي تكتب لها.

مُضيفة:

لقد أطلقتُ مدوّنة خاصة بي حتى أستطيع أن أمنح نفسي مساحة لأكتب فيها بحرية وبأي طريقة أريد دون قيود، وأعتقد أنه من الجيّد لكُتّاب تجربة المستخدم أن يجرّبوا هذه الطريقة فهي تساعد على الإبداع.

دافع عن نصوصك وتمسّك بوجهة نظرك

نتفق جميعاً على أن وظيفتنا ككُتّاب تجربة المستخدم أن نكون أكثر إبداعاً في كتابتنا. لكن يجب علينا أيضاً أن نتمسّك بعملنا في اختيار النصوص والكلمات والنبرة المناسبة فنحن الكُتّاب في النهاية. وهذا يعني أننا المسؤولون عن ذلك بحكم خبراتنا وتجاربنا. من الجيّد بل من الضروري في بعض الأحيان أن نستمع لتوجيهات ونصائح فريق التسويق والتعاون معهم لكن حينما يتعلّق الأمر بالتدخل في اختيار وتعديل النصوص والكلمات فهذا من صميم عملنا نحن.

ذات صلة: 5 مهام أساسية يؤديها كاتب تجربة المستخدم (UX Writer)

أشياء ينبغي عليك مراعاتها

عند الحديث عن كتابة تجربة المستخدم مع قواعد محددة لشخصية العلامة التجارية، ضع هذه النصائح في اعتبارك:


1- ابدأ بالسياق:


تأكد من فهمك أنت ومدير التسويق لسياق النصوص والجُمل واضعاً في اعتبارك الحالة المزاجية للمستخدم خلال رحلته الرقمية في منتجك/موقعك من البداية للنهاية وحدد الأماكن التي تتغير فيها النبرة المستخدمة.


2- تابع وتعاون مع فريق العلامة التجارية:


ينبغي عليك ككاتب تجربة المستخدم أن تتعاون مع باقي الفِرق سوياً للوصول لمجموعة من المبادئ العامة التي تتناسب ليس فقط مع شخصية العلامة التجارية بل تتناسب أيضاً مع احتياجات المستخدم. هذا من شأنه أن يمنح أعضاء الفريق فرصة لفهم طريقة عملك وكيفية الوصول إلى توافق بينك وبينهم على النقاط الأساسية قبل الشروع في العمل.


3- تأكد من فهم المستخدمين للمبادئ التي توصلتم إليها:


ساعد فريق العمل على معرفة واكتشاف شعور المستخدمين تجاه مبادئ العلامة التجارية التي توصلتم إليها. لا تترك الأمر للتخمين والافتراضات. خذ الوقت الكافي للتعرّف على ذلك من خلال إشراك المستخدم عن طريق إعداد تجربة تختبر فيها فكرة ما باستخدام لغة ونبرة تلتزم بمبادئ العلامة التجارية ومن ثمّ راقب وحلّل ردود أفعال المستخدمين.


4- راقب منافسيك:


تابع كيف يحقق منافسوك التوازن بين شخصية العلامة التجارية والنبرة المستخدمة. قد يساعدك ذلك في التوصّل إلى لغة/نبرة جديدة تميّز منتجك عن المنافسين. أو ربما تجعلك تعيد التفكير في إرشادات وقواعد شخصيتك التجارية وإعادة بنائها من جديد.


خاتمة

 

تلخيص ما سبق: لا تُصاب بالإحباط عندنا يبدو من المستحيل إقناع فريق التسويق بأن النبرة التي تتبعها جيدة بالفعل للعلامة التجارية، ساعدهم في رؤية الصورة الأكبر، وذكّرهم بلُطف أنك تمتلك الخبرة اللازمة عندما يتعلّق الأمر بالعثور على الكلمات الجيّدة/الفعّالة التي تتناسب مع المستخدم دون الإخلال بشخصية العلامة التجارية. كوّن مكتبتك الخاصة من الكلمات والنصوص ولا تكتفي بذلك بل ابحث عن الإلهام خارج حدود منتجك. الوصول لاستخدام النبرة المناسبة عمل صعب، لكن مردوده ونتائجه كبيرة جدًا.


يمكنك الانضمام للدورات التي نقدمها على المنصة، دورات تدريبية شاملة، نعتمد فيها على التطبيق والتنفيذ العملي، نبدأ معك من الصفر وحتى تصل إلى الاحتراف، لتؤهلك كل دورة لسوق العمل وتكون جاهزًا له في تخصّص كتابة تجربة المستخدم UX Writing.

شارك المعرفة

انضم إلى نشرة UX Writing بالعربية

احصل على أفضل النصائح والمصادر في كتابة تجربة المستخدم وتصميم المحتوى مباشرةً إلى بريدك الإلكتروني + خصومات حصرية للمشتركين (+3000 مشترك)
النشرة البريدية

دوراتنا المميزة

اختر الدورة المناسبة لأهدافك واحجز مقعدك الآن
الدورة التأسيسية في كتابة تجربة المستخدم
10 محاضرة . 17 ساعة
+ 100 خريج
الدورة المتقدمة في كتابة تجربة المستخدم
20 محاضرة . 40 ساعة
+ 100 خريج
الدورة التأسيسية في كتابة المحتوى
13 محاضرة . 25 ساعة
جديد
الدورة المتقدمة في أنظمة التصميم
24 محاضرة . 36 ساعة
ورشة التصميم السريع
4 محاضرة . 10 ساعة
جديد
دورات أخرى