لم يَعُد إنشاءُ واجهات عمليّة وبسيطة وجذابة في شكلها الخارجي للمستخدمين كافيًا في مجالَي تصميم واجهة المستخدم UI وتصميم تجربة المستخدم UX. لقد أصبح جميع المصممين يدركون هذه الحقيقة وعلى الرغم من أهمية شكل التصميم في جذب المستخدم. إلا أن تكوين روابط عاطفية معه باتَ من أساسيات نجاح تصميم أي خدمة أو مُنتج. هذا ما يدعونا للحديث في هذا المقال عن “التصميم العاطفي” (Emotional Design).
ما هو التصميم العاطفي؟
يعني التصميم العاطفي إنشاء تصميمات لخدمة أو مُنتج بحيث تثير مشاعر معينة لدى المستخدم بالتركيز على احتياجاته في تفاعلاته مع الخدمة وردود أفعاله حيالها. والاستجابة لها وتلبيتها ما يحسّن من متعة تجربة المستخدم ويجعلها إيجابية. بالتالي لقد طُور التصميم العاطفي ليبين للمصممين أن فكرة التصميم لا تقتصر على الألوان وبساطة وسهولة استخدام فحسب. لكنها تتعلّق أيضاً بالعواطف التي تؤثر على نفسية المستخدم وشعوره تجاهها.
يحاول البشر أن يكونوا عقلانيين عادةً لكن تلعب العواطف والمشاعر دورًا كبيرًا في كيفية تفسيرهم للواقع. مثلًا عندما يمرّ الإنسان بتجربة إيجابية فيُثار فضوله للمتابعة واستكشاف المزيد حولها وعندما يمرّ بتجربة سلبية فيحاول جاهدًا ألا يعيدها منعًا لتكرار الشعور السيئ. بذات الطريقة يربط المستخدمون مشاعرهم بما يواجهونه ويتأثر بعضهم إيجابًا أكثر من البعض الآخر. ومن جهة أخرى يُصاب البعض بالإحباط أسرع من غيرهم ولهذه الأسباب ينبغي على مصمم تجربة المستخدم (UX Designer) الأخذ بعين الاعتبار مشاعر المستخدمين أثناء التصميم فهذا من أساسيات نجاح التصميم.
وبناءً على ذلك، ضمن فكرة التصميم العاطفي هناك 3 مستويات من استجابات البشر المعرفية ينبغي أن يأخذها المصمم بعين الاعتبار أثناء التصميم:
- الاستجابة الغريزية الأولية (Visceral Response): تشير إلى رد الفعل الداخلي للمستخدم تجاه التصميم بحسب انطباعه الأول عنه. على سبيل المثال عندما تصمم واجهة الاستخدام بشكل منظم بحيث تُظهر سهولة الاستخدام من النظرة الأولى.
- الاستجابة السلوكية (Behavioral Response): في هذه المرحلة، يقيّم المستخدمون دون وعي مدى قدرة التصميم على مساعدتهم في تحقيق أهدافهم ومدى سهولة ذلك. بحيث يستطيعون السيطرة على الأمور بأقل جهد ممكن كي يرتفع مستوى رضاهم.
- الاستجابة الواعية أو التفكيرية (Reflective Response): بعد أن يتعرّف المستخدمون على تصميمك سيحكمون عليه بوعي من ناحية الأداء والفوائد مقابل ما سيدفعونه من مال لقاء الخدمة. فإذا كانوا سعداء ومرتاحين ومشاعرهم جيدة تجاهه سيستمرّون في استخدامه بحبّ ويشكّلون روابط عاطفية معه.
خطوات إنشاء تصميمات تحاكي مشاعر المستخدم
يتطلّب إنشاء تصاميم عاطفية جذابة اتباع نهج وخطة معينة من 5 خطوات:
معرفة الجمهور المستهدف
إن أساس التصميم العاطفي هو فهم جمهورك المستهدف. سيساعدك فهم المستخدمين على تطوير واجهات عاطفية يجدونها جذابة بكل تأكيد ويتطلّب ذلك خطوتين رئيسيتين:
- إجراء أبحاث تجربة المستخدم (UX research): ويعني ذلك معرفة المتطلبات والتفضيلات والمشكلات التي يواجهها المستخدمون لمراعاتها أثناء التصميم. يمكن أن يشمل ذلك اختبار قابلية الاستخدام (Usability) ومقابلات المستخدمين وإجراء الاستطلاعات. ثم يمكنك إنشاء حلول تستهدف المحفزات العاطفية لعملائك بشكل خاص سواء المحفزات المرتبطة بإحباطهم لتجنّبها أو تلك التي تحملهم إلى الرضا والسعادة. وذلك من خلال معرفة ما يجدونه مهمًا وما الذي يزعجهم.
- فهم سمات المستخدم (Personas): أنشئ مجموعة شخصيات شاملة لصفات جمهورك المستهدف بحيث تكون بمثابة دليل لاختيارات التصميم. نظرًا لأن دراسة شخصيات المستخدمين تجعلك أكثر ارتباطًا بتوقّعات جمهورك فهذا يساعدك في وضع عواطفهم في الحسبان وتطويرها وفق مبدأ التعاطف.
الاستفادة من علم نفس الألوان
سيكون لاختيار الألوان تأثير عاطفي قوي على مستخدميك وتصوّراتهم للخدمة، لذا اهتم بهذه النقطة جيّدًا:
- اختيار الألوان في التصميم: يمكنك توظيف نظرية الألوان التي تشرح كيفية تفاعل الألوان مع بعضها البعض وكيف يمكن دمجها لخلق مشاعر وحالات مزاجية وردود أفعال معينة. مثلًا، يمكن أن يثير اللون الأحمر مشاعر الإلحاح والإثارة، بينما قد يدل اللون الأزرق على السلام والثقة. لذا يمكن للون أن يحدد اتجاه التصميم والحالة المزاجية ويصبح أكثر جاذبية بصريًا وإقناعًا عاطفيًا.
- اتّساق الألوان: لدعم التوافق العاطفي بين المستخدم والمنتج أو الخدمة طوال رحلة المستخدم التزم بلوحة ألوان ثابتة في التصميم. يعزز الاتساق تجربة موحدة يمكن للمستهلكين الارتباط بها عاطفيًا كما أنه يزيد من الوعي والثقة بالعلامة التجارية.
دمج التفاعلات الهادفة في عملية التصميم العاطفي
تحسّن التفاعلات الهادفة تجربة المستخدمين العاطفية بشكل كبير، لأن المستخدم الذي يمكن إثارة عاطفته سيرتبط أكثر في خدمتك عندما تجعله ينخرط فيها من خلال تفاعلات بسيطة ترفع مستوى سعادته. وتأتي أهم التفاعلات الهادفة المرتبطة بالتصميم العاطفي على شكلين:
- التفاعلات الدقيقة (Microinteractions): يمكن للتفاعلات الصغيرة والممتعة (مثل ردود الفعل اللمسية أو العناصر المتحركة) إثارة مشاعر السعادة لدى المستخدمين وتحسين مستوى متعتهم. يمكن للتفاعلات الدقيقة أن تعزز تجارب المستخدمين من خلال جعلهم يشعرون بالتقدير والاهتمام في كل رد فعل من الخدمة.
- تقييم أداء المستخدمين (Feedback): لتعزيز الثقة وزيادة ارتباطهم العاطفي، قدّم تعليقات سريعة ومفيدة للمستخدمين حول أفعالهم وخطواتهم حتى تجعلهم يتشجعون لاستخدام خدمتك في كل مرة.
تصميم الخدمة أو المنتج على شكل قصة
تسهم مكونات التصميم السردية؛ أي التي تجعل المستخدم يتعامل مع خدمتك على شكل قصّة فيتحمّس لإكمال الخطوات للوصول إلى نهايتها، في إضافة إحساس بالارتباط والتذكر لدى المستخدم، إذ يمكن للمكونات السردية أن تولد اتصالاً عاطفيًا قويًا.
- استخدم التصميمات السردية: أخبر قصة مؤثرة عن منتجك واستحضر مشاعر قوية لدى المستخدم من خلال التصميم العاطفي. يمكن أن تساعد المكونات التفاعلية والعناصر الرسومية في تحقيق ذلك. فكما قلنا، يمكن أن تثير القصص التعاطف، مما يجعل المستخدمين أكثر عرضة للتفاعل مع منتجك وتذكره.
- ارسم خريطة عميلك (Customer Mapping): لضمان تجربة متسقة ومقنعة عاطفيًا في كل نقطة اتصال للمستخدم مع خدمتك. ارسم وخطط خريطة المستخدم لمعرفة نقاط الارتفاع والانخفاض التي يواجهها (أي مشاعره خلال التجربة) مع خدمتك على طول الرحلة. حيث يمكن أن تساعدك الخرائط على إنشاء تجارب ترضي الناس وتشركهم عاطفيًا في كل منعطف في رحلتهم.
خلق الشعور بالإنجاز
عندما تجعل منتجك مصممًا بحيث يخلق لدى المستخدم شيئًا من شعور الإنجاز بعد إتمام المهمة فهذا يثير مشاعر الارتباط لديه ويعزز تفاعله المستمر. تساعدك في ذلك خطوتان:
- التلعيب (Gamification): يعني التلعيب تطبيق عناصر تصميم الألعاب عند إنشاء المواقع الإلكترونية وتطبيقات الهاتف المحمول والمنتجات الرقمية الأخرى. لتحفيز المستخدم نحو التفاعل أكثر وكسب رضاه ومتعته بالتجربة نتيجة خلق شعور الإنجاز لديه. يستخدم مصممو تجربة المستخدم هذه الأداة القوية للاستفادة من متعة الألعاب وجوانبها الجذابة لتحقيق هدف إنشاء منتجات رقمية مميزة وتعزيز ولاء العملاء. يعد دولينغو (Duolingo)؛ تطبيق تعلّم اللغات المشهور، واحدًا من أكثر الأمثلة شهرةً على أسلوب التلعيب في تجربة المستخدم، حيث يتم دمج كل مرحلة من تفاعل المستخدم مع التطبيق مع أسلوب اللعب.
- تتبّع التقدم: أي تطبيق التصاميم التي تظهر للمستخدمين التقدم الذي يحرزونه من خلال المؤشرات المرئية ما يساعدهم على رؤية إنجازاتهم والبقاء متحفزين لإنجاز المزيد كل مرة.
بالجمع بين التقنيات السابقة، يمكنك إنشاء تصميمات تحاكي المتطلبات العاطفية العميقة للمستخدمين بالإضافة إلى احتياجاتهم . إن إنشاء اتصالات حقيقية مع المستخدم هو هدف التصميم العاطفي وعندما يتم تنفيذها بشكل جيد يمكن أن يكون لإبداعاتك تأثير طويل الأمد على المستخدمين ما يزيد سعادتهم ويشجع التزامهم.
للمزيد حول جذب المستخدمين بالتصميم العاطفي، استفد من خبراء المجال واحجز مقعدًا في دوراتنا التدريبية.
الأسئلة الشائعة
ما هو مبدأ التصميم العاطفي في تجربة المستخدم؟
تبيّن نظرية التصميم العاطفي كيف يمكن للأشياء العادية أن تؤثر على شعور الناس. يسعى هذا المفهوم إلى إنشاء منتجات تثير مشاعر سعادة معينة، وبالتالي تخلق هذه المشاعر تجربة إيجابية للمستخدمين. بما أن العاطفة جزء أساسي من حياة الإنسان فهي تؤثر على كيفية تفاعله وإدراكه للمنتجات.
كيف تقيس كمية العواطف التي يمكن أن يثيرها تصميمك في المستخدم؟
يمكن قياس الاستجابات العاطفية في تصميم تجربة المستخدم بطرق مختلفة؛ مثل الاستطلاعات والملاحظة أثناء اختبار قابلية الاستخدام لجمع تعليقات حول مشاعر المستخدم وتجاربه.
المقال_ترجمة_بتصرف من المصدر: Power of Emotional Design: The Secret to User Engagement