هل يستبدل الذكاء الاصطناعي كتّاب تجربة المستخدم (UX Writers)؟

محتويات

هل وصل إلى مسامعك الجدل الدائر حالياً بشأن تطوّر تقنيات الذكاء الاصطناعي وما إذا كان قادراً على استبدال البشر؟. “سيحلّ الذكاء الاصطناعي محلي”، “سيسرق وظيفتي”، “ما الذي يجب أن أفعله إذا حدث ذلك؟”. هذا ما أسمعه حالياً بكثرة. وتلك مخاوف منتشرة وأنا أتفهّم حقاً مشروعية تلك المخاوف. لكن في المرة القادمة التي ينتابك فيها القلق بسبب ذلك تذكّر القاعدة الأساسية: الذكاء الاصطناعي ليس سوى أداة تقنية. لا أكثر ولا أقل. في هذا المقال نجيب على سؤال: هل يستبدل الذكاء الاصطناعي كتّاب تجربة المستخدم؟

 

🤷‍♂️ بدايةً، ما هو الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence – AI؟

 

الذكاء الاصطناعي ويُرمز له اختصاراُ (AI) يشير إلى قدرة الآلات على أداء المهام التي تتطلّب عادةً ذكاءً بشرياً مثل التعلّم والاستنتاج وحل المشكلات. ويهدف إلى محاكاة القدرات البشرية والنشاط المعرفي البشري. تعتمد الطريقة التي يعمل بها الذكاء الاصطناعي على استيعاب كميات هائلة من البيانات والمعلومات وتحليلها للبحث عن الرابط بينها والتنبؤ بسيناريوهات معينة بناءاً على تلك البيانات. وتعدّ أشهر نماذج الذكاء الاصطناعي حالياً النموذج اللغوي الكبير شات جي بي تي (ChatGPT).

في الآونة الأخيرة تطوّرت قدرات الذكاء الاصطناعي بشكل مذهل ومثير للدهشة (أو القلق ربما) بشأن حدود ما يمكن للذكاء الاصطناعي فعله، وبات الحديث مطروحاً حول استبدال البشر من قِبل أدوات الذكاء الاصطناعي في الوظائف المختلفة ومنها: وظيفة كاتب تجربة المستخدم.

 

✍️ إذاً، من هو كاتب تجربة المستخدم (UX Writer)؟

 

يعرّف كاتب تجربة المستخدم بأنه الشخص المسؤول عن صياغة وكتابة النصوص المصغّرة (Microcopy) داخل التطبيقات، والمواقع الإلكترونية، والمنتجات الرقمية المختلفة. وذلك بهدف مساعدة المستخدمين على التنقّل الفعّال داخل المنتج. تُسند إلى كاتب تجربة المستخدم مهمة إنشاء نصوص الواجهات الرقمية (UI) بما في ذلك: القوائم، الأزرار، التصنيفات، بوتات المحادثة، ورسائل الخطأ وغيرها.

ينصبّ تركيز كاتب تجربة المستخدم على صياغة نصوص واضحة وموجزة تتوافق مع هوية العلامة التجارية ويسهل على المستخدم فهمها وتلبّي له احتياجاته. وهذا يتطلّب أن يعمل كاتب تجربة المستخدم مع فرق تصميم المنتجات والتعاون في إجراء أبحاث تجربة المستخدم، واختبار النصوص للتأكّد من نجاحها في توجيه المستخدمين.

ذات صلة: 9 خطوات لإجراء أبحاث تجربة مستخدم ناجحة

بعد أن تعرّفنا على ما يعنيه الذكاء الاصطناعي، وكاتب تجربة المستخدم.. لنبدأ الحديث عن أسباب قلق البعض من أدوات الذكاء الاصطناعي.

 

🤔 ما الأٍسباب التي تجعل البعض يعتقد أن الذكاء الاصطناعي سوف يستبدل كاتب تجربة المستخدم؟

 

في الحقيقة توجد أسباب كثيرة لكننا سنكتفي بذكر أبرز 3 أسباب:

هل يستبدل الذكاء الاصطناعي كتّاب تجربة المستخدم (UX Writers)؟
نقاط يتفوّق فيها الذكاء الاصطناعي على كتّاب تجربة المستخدم

1- الذكاء الاصطناعي أكثر كفاءة

 

من أبرز الأسباب التي تستدعي القلق بشأن الذكاء الاصطناعي هي السرعة التي يتميّز بها في إنجاز المهام. يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي مثل شات جي بي تي معالجة الأفكار بشكل أسرع. وبالتالي في مجال كتابة تجربة المستخدم يمكن لها أن تكتب نصوص أكثر في وقت أقصر مما يوفر الوقت المطلوب لإنجاز المهام.

 

2- الذكاء الاصطناعي أكثر تناسقاً

 

بفضل البيانات الهائلة التي يستقبلها الذكاء الاصطناعي يومياً تتولّد لديه ذاكرة جيدة ومعلومات لا نهائية تتيح له معرفة واسعة بالكلمات والنصوص والعبارات المختلفة في اللغة. وهذا كله يجعله أفضل من ناحية تحقيق التناسق في نصوص المنتج، وضمان الحفاظ على أسلوب الكتابة والالتزام بالنبرة والصوت للعلامة التجارية.

ذات صلة: أهمية تحقيق التناسق (Consistency) في كتابة تجربة المستخدم داخل المنتج

 

3- الذكاء الاصطناعي أرخص تكلفة

 

هذه ميزة تنافسية لصالح أدوات الذكاء الاصطناعي لا نستطيع إنكارها، فمعظم أدوات ونماذج الذكاء الاصطناعي الآن تكلفة استخدامها حوالي 20 دولار شهرياً وبعضها مجاني بالأساس. وهذا بالتأكيد أرخص بكثير من توظيف كاتب تجربة مستخدم. كما أن الذكاء الاصطناعي أسهل من ناحية الأوامر. فهو ليست لديه أية مشاعر، ولا يمكنه المناقشة. دوره يقتصر على تأدية المهمة فقط. وسنرى بعد قليل أن هذه ميزة لصالح الكتّاب.

ذات صلة: كل ما تريد معرفته عن وظيفة كاتب تجربة المستخدم [دليل شامل]

 

👈 4 أسباب تجعل من الصعب أن يستبدل الذكاء الاصطناعي كتّاب تجربة المستخدم

 

قد يصيبك الإحباط بعد ما قرأته من مميزات وقدرات الذكاء الاصطناعي، لكن أليس للكتّاب أيضاً مميزات وقدرات؟ بكل تأكيد. إليك أسباب على الجانب المقابل لماذا لن يستبدل الذكاء الاصطناعي كتّاب تجربة المستخدم.

هل يستبدل الذكاء الاصطناعي كتّاب تجربة المستخدم (UX Writers)؟
نقاط تفوّق لصالح كتّاب تجربة المستخدم أمام الذكاء الاصطناعي

1- كاتب تجربة المستخدم لديه ذكاء عاطفي غير موجود لدى أدوات الذكاء الاصطناعي

 

هذه ميزة تنافسية كبيرة لصالح كاتب تجربة المستخدم، أدوات الذكاء الاصطناعي ليست لديها مشاعر كما ذكرنا، هي مجرد أدوات ونماذج لغوية مدرّبة. لذا تخيل أن مديراً لمنتج يحتاج إلى كتابة نصوص لمنتجه لكنه لا يستطيع شرح ما يريده بدقة، ولا يمكنه التعبير عن المشكلة بالكلمات. هو يحتاج للتواصل مع كاتب تجربة مستخدم حقيقي للنقاش حول المطلوب وتبادل وجهات النظر. في هذه الحالة مفتاح نجاح المهمة يكمن في مهارة الذكاء العاطفي، والتي لا يملكها الذكاء الاصطناعي. بل هي مهارة بشرية يمتاز بها كاتب تجربة المستخدم.

وهي واحدة من أهم مهارات كاتب تجربة المستخدم. قدرته على كتابة نصوص تتواصل عاطفياً مع المستخدم وتزيل عنه الارتباك والتشتت. قد ينجح الذكاء الاصطناعي في كتابة نصوص صحيحة من الناحية التقنية واللغوية، لكنه لا يقدر على كتابة نصوص تلبّي احتياجات المستخدم وتتواصل مع مشاعره. وهذا كما تعلمون جزء أساسي في كتابة تجربة المستخدم.

 

2- كاتب تجربة المستخدم أكثر إبداعاً من الذكاء الاصطناعي

 

يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات وإنتاج فكرة جديدة، لكن حتى تلك الفكرة التي ينتجها هي بالأساس معتمدة على البيانات التي تم إدخالها. في المقابل، يمكن لكاتب تجربة المستخدم إطلاق العنان لخياله والتفكير خارج الصندوق بطريقة أكثر إبداعية وحرية دون تقيّد ببيانات محددة.

يمتلك كاتب تجربة المستخدم تلك القدرة البشرية على إيجاد الإلهام والإبداع في مواقف وسياقات مختلفة تماماً ولا رابط بينها. ربما يخرج في نزهة للمشي قليلاً ليحفّز ذهنه على التفكير، ربما يقوده سماع محادثة بين شخصين إلى فكرة رائعة أو حل مثالي لمشكلة يواجهها. يمكنه الحصول على الأفكار الفعالة بطرق مختلفة ومتنوعة. وهو ما لا يستطيع الذكاء الاصطناعي فعله إذ أنه يعتمد على البيانات التي تُعطى له فقط.

 

3- كاتب تجربة المستخدم قادر على التفكير الاستراتيجي

 

لا تدور كتابة تجربة المستخدم فقط حول قابلية الاستخدام والنبرة والصوت وكتابة النصوص، إنها أيضاً تضع في اعتبارها أهداف المشروع التجاري، والجمع بينها وبين احتياجات المستخدم. لذا عندما يكتب الكاتب نصوص فإنه يضع في اعتباره كل هذه العوامل ويفعل ذلك تلقائياً.

بينما أدوات الذكاء الاصطناعي لا يمكنها ذلك ببساطة، فلكي تنتج لنا نصوص تجربة المستخدم هي بحاجة لأن ندخل لها البيانات كلها مراراً وتكراراً لكي – ربما – تنتج لنا نصوص تتوافق مع كل تلك الاعتبارات. الأمر الذي بدلاً من أن يجعل عملية الكتابة أسرع فإنه يستغرق وقتاً أطول. في حين أن كاتب تجربة المستخدم بإمكانه الاعتماد على خبراته ومهاراته ويكتب تلك النصوص في وقت أقل وعدم الحاجة لإدخال كافة البيانات في كل مرة.

 

4- اللمسة البشرية غير قابلة للاستبدال

 

إذا سبق لك التعامل مع إحدى أدوات الذكاء الاصطناعي لنقل شات جي بي تي (ChatGPT) أو جيميناي (Gemini) فلعلّك لاحظت أن تلك الأدوات قادرة حقاً على صياغة نصوص جيدة. لكن لكي ينجح الذكاء الاصطناعي وأدواته في تقديم نصوص إيجابية وفريدة وبشرية لأن تلك النصوص سيتعامل معها مستخدم بشري فهو بحاجة إلى محاكاتنا كبشر كلياً، وهو ما لا يقدر عليه بشكل كامل حتى الآن. لذا هذه أفضلية وميزة تنافسية لكتّاب تجربة المستخدم تمنحهم تفوق نسبي على أدوات الذكاء الاصطناعي.

ذات صلة: 4 طرق لاستخدام الذكاء الاصطناعي في كتابة تجربة المستخدم

 

إذاً، ما الذي يمكننا استنتاجه في النهاية بعد كل ذلك؟

 

👌 لا داعي للقلق، لن يستبدل الذكاء الاصطناعي كتّاب تجربة المستخدم، على الأقل حالياً.

 

في الوقت الحالي، نستطيع بث الطمأنينة في نفوس الكتّاب ونقول لهم لا تقلقوا على الأرجح لن يأخذ الذكاء الاصطناعي وظائفكم، والسبب الأساسي لذلك هو أن كتابة تجربة المستخدم لا تتعلق فقط بالنصوص المكتوبة. بل الكتابة مجرد عنصر من عناصرها المتنوعة.

ومع ذلك، يمكننا الاستفادة من هذه التكنولوجيا والأدوات لمساعدتنا في أداء مهامنا، يمكننا الاستعانة بها في المهام المتكررة التي تستهلك الكثير من الوقت، مثل جمع المعلومات ومراجعة وتحسين النصوص. هذا يتيح لنا التفرّغ للمهام الأخرى التي تتطلّب الإبداع والتفكير الاستراتيجي الذي لا يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي فعله. بهذه العقلية لا ينبغي أن نقلق من أن يحلّ الذكاء الاصطناعي محلّنا، بل ينبغي اعتباره أداة جديدة تُضاف لمجموعة الأدوات التي نستخدمها لمساعدتنا في عملنا ككتّاب تجربة مستخدم.

نمّي مهاراتك وطوّر مسارك المهني بدورات مقدمّة من خبراء

الدورة التأسيسية في كتابة تجربة المستخدم

ابدأ في تعلّم أساسيات كتابة تجربة المستخدم، وتأهل لتصبح كاتب تجربة مستخدم في سوق العمل.

الدورة المتقدّمة في كتابة تجربة المستخدم

احترف كتابة تجربة المستخدم وتصميم المحتوى، وانضم إلى نخبة من المميزين في سوق العمل.