إن التفكير التصميمي هو نهج إبداعي يعمل على تطوير حلول مبتكرة للمشاكل والتحديات المعقدة التي نواجهها في حياتنا اليومية. يمكن أن يُعتبر أداة قوية تجمع بين الإبداع والعملية، حيث يهدف إلى إيجاد حل يراعي احتياجات المستخدمين ويحسن من تجربتهم.
في جوهره، يعتمد على تحليل عميق للمشكلة المطروحة، متخذاً من المستخدم النهائي محوراً أساسياً في عملية التصميم. يتطلب هذا النهج فهماً شاملاً لاحتياجات ورغبات المستخدمين، وتحليلاً دقيقاً للسياق الاجتماعي والثقافي الذي يحتم عليهما إيجاد الحل الناجح.
ما هو التفكير التصميمي؟
التفكير التصميمي: مفهوم يجمع بين الإبداع والعملية. بدايةً، يمكننا القول أنها عملية تتمحور حول الإنسان وفهم احتياجاته، من خلال التفكير بطريقة منهجية لمعرفة مكامن المشكلات والعوائق لإيجاد حلول لها وإزالتها.
كما يعتمد على عملية تجريبية مستمرة، حيث يتم تطوير واختبار مفاهيم وأفكار متعددة قبل اتخاذ قرار نهائي بشأن التصميم. هذا النهج يسمح بتعديلات وتحسينات مستمرة، وبالتالي يضمن تحقيق أفضل نتيجة ممكنة.
إضافة لما سبق، نضيف أنه ليس حكراً فقط على المصممين لكن الجميع يستطيع العمل به والاستفادة منه.
أهمية التفكير التصميمي “جسر للوصول إلى الحلول المُبتكرة”
إن التفكير التصميمي يمتلك أهمية كبيرة في عالمنا المعاصر، حيث يعتبر جسراً حقيقياً نحو الحلول المبتكرة والنجاح في مواجهة التحديات المتنوعة التي نواجهها. تتجلى أهمية التفكير التصميمي في النقاط التالية:
- يتمحور حول الإنسان: يضع التفكير التصميمي المستخدم في مركز الاهتمام. فهو يساعد على فهم احتياجات المستخدمين بعمق ويضمن تصميم منتجات وخدمات تلبي توقعاتهم وتلائم أسلوب حياتهم.
- يطور الإبداع: يشجع التفكير التصميمي على الإبداع والابتكار. إذ يضع التحديات أمام فرص لتطوير حلول فريدة ومبتكرة تتفوق على المألوف وتضيف قيمة حقيقية.
- حل المشكلات: يمكن أن يسهم التفكير التصميمي في تحسين العمليات داخل المؤسسات والمنظمات. فهو يساعد في تحليل العمليات الحالية وتطويرها بطرق أكثر كفاءة وفعالية.
- يعزز التعاون: يساهم التفكير التصميمي في تعزيز التفاعل المجتمعي والاجتماعي من خلال مشاركة الأفراد في عملية تطوير الحلول واستجابة أفضل لاحتياجات المُستخدمين.
- النهج التكراري: جزء أساسي من عملية التصميم والابتكار. يتضمن هذا النهج تكرار متعدد لمراحل التفكير وتطوير الحلول بهدف تحسينها وتنقيحها.
- القدرة على التكيف: مفهوم يشير إلى القدرة على التعامل مع التغيرات والتحديات التي تظهر أثناء عملية التصميم بشكل مرن وفعال. تعتبر هذه القدرة أحد العناصر الأساسية في التفكير التصميمي، حيث تساعد في تحقيق النجاح في مجالات متعددة.
- تحسين تجربة المستخدم: لجعلها أكثر رضى وراحة. وهذا يساهم في بناء علاقات أقوى مع المستخدمين.
المشكلات التي يساهم التفكير التصميمي في حلها
يعمل التفكير التصميمي على حل مشاكل وتحديات مجالات واسعة منها:
- جودة الحياة.
- تغير الاسواق والسلوكيات.
- التعامل مع التغيرات الاجتماعية السريعة.
- إعادة ابتكار نماذج الأعمال.
- سيناريوهات تشمل فرقاً متعددة الاختصاصات.
- مبادرات ريادة الأعمال.
- التطورات التربوية.
أطر التفكير التصميمي
تختلف الأطر نتيجة للتصورات المختلفة للأشخاص العاملين في التفكير التصميمي، عادةً ما تتراوح من 3 إلى 7 مراحل تتشارك في السمات الأساسية أهمها:
إطار the stanford design schoole
لكن اليوم سنتكلم عن إطار double diamond
ويمرّ بعدة مراحل بدايةً من الاستكشاف، الذي تتم فيها فهم المشكلة والوضع الحالي للمنتجات والخدمات، من بعدها طريقة حل المشكلة، بالتالي فهم نقاط الألم لدى المُستخدمين وتلبية احتياجاتهم.
مراحل التفكير التصميمي
لنستطيع بناء “double diamond” علينا بداية:
- التعاطف “empathy“: رؤية العالم من خلال عيون الآخرين، والشعور بما يشعرون، وخوض التجارب كما يفعلون.
يوجد طرق لتطوير التعاطف على المستوى العاطفي والمعرفي:
- لاحظ ما يفعله المُستخدمين.
- اطلب من المستخدمين المشاركة.
- جرب الأشياء بنفسك.
- التخلي عن الأنا والاستماع الجيد.
- فهم لغة الجسد.
- الفضول والصدق في النوايا.
التقنيات والأدوات في هذه المرحلة:
- ماذا؟
- كيف؟
- لماذا؟
نتابع مراحل الإطار الثاني لنصل إلى:
- التعريف: وهي مرحلة التحليل الذي نقسّم فيه المفاهيم والمشكلات المعقدة إلى أجزاء أصغر يسهل فهمها.
التحليل + التركيب = الرؤى والإتجاهات
التقنيات والأدوات في هذه المرحلة:
بعد استخدام الأدوات لمعرفة الجمهور المستهدف بشكل صحيح، تأتي خطوة تحديد احتياجاته والتركيز على حل المشاكل التي تصادفه.
من خلال وضع عدة أسئلة نستخدمها في العصف الذهني للوصول إلى حاجة المستخدم الأساسية، بأبسط الوسائل والتي تعطي فائدة وقيمة كبيرة للمستخدم.
- البناء: هنا نجد الحلول لمناطق ألم المستخدم ونضع جميع الاحتمالات، دون اللجوء إلى النقد.
قواعد إنتاج الأفكار:
- تأجيل الأحكام.
- البناء على أفكار الآخرين.
- إطلاق العنان للأفكار.
- ركز على الموضوع.
- استخدم البصريات.
بعد ذلك، وبعد إنتاج الأفكار تأتي خطوة اختيار الأفكار، من حيث الموافقة عليها وتصنيفها من حيث المنطقية والفائدة والتي تعطي المستخدم شعور السعادة، بالتالي نسبة نجاح الفكرة ضمن الموارد الموجودة والمتاحة.
- التقديم: بعد إيجاد الحلول وطرح الأفكار وانتقاء الفكرة الأفضل، تأتي خطوة بناء النماذج الأولية من أجل اختباره على المستخدمين ومعرفة مدى تفاعلهم معه.
إذا كانت الصورة تساوي ألف كلمة، فإن النموذج الأولي يساوي ألف اجتماع”
IDEO
لذا، علينا تحديد ما نريده من الاختبارات واختيار الأشخاص الذين نريد إجراء الاختبار معهم، وما هي المهام المطلوب اختبارها وتفاصيلها، من بعدها تحديد الهدف من الاختبار.
من ثم مراقبة عملية اختبار النماذج الأولية وملاحظة التعليقات والآراء. ولا ننسى اختيار نوع الاختبار الذي سنتبعه مع المشاركين.
في الختام، يُظهر التفكير التصميمي كيف يمكن أن يصبح الإبداع جزءًا من حياتنا اليومية وعملنا. إنه نهج يجمع بين التحليل والإبداع والتفاعل مع المستخدمين لإيجاد حلول مبتكرة للمشكلات المعقدة. إذا تعلمنا أن ننظر إلى العالم من خلال عيون التفكير التصميمي، فإننا سنكتشف أن الحلول الإبداعية تكمن في كل مكان من حولنا. إنها قوة تمكننا من تحسين حياتنا وبيئتنا بشكل مستمر وجعل العالم أفضل مكان للعيش.
استلهمنا مقالنا هذا من إحدى جلسات المنصة بعنوان التفكير التصميمي – Design Thinking. استضفنا فيها الخبيرة: أ. رولا البركاتي، Senior UX Design، ومحاورها أ. محمود عبدربه مؤسس منصّة تعلّم كتابة تجربة المستخدم بالعربية. يمكنكم مشاهدة جميع الجلسات على قناتنا على يوتيوب.