من الأمور المعروفة وكأنها قانون أنه إذا كانت تجربة العميل إيجابية، فمن المرجح جدًا أن يستمر العميل في التعامل مع نفس الشركة، حيث هناك ارتباط وثيق بين نجاح تجربة العميل والحصول على ثقته وإخلاصه. وكما أشرنا سابقاً، إن 86% من العملاء على استعداد لدفع المزيد والشراء من ذات العلامة التجارية بشكل متكرر مقابل المرور بتجربة عملاء مميزة في كل مرة. إذًا، يعد الاهتمام بتجربة العميل ذو أهمية كبيرة عندما يتعلق الأمر بولاء العملاء.
لذا، تهتم الكثير من الشركات اليوم باحتياجات العملاء ومتطلباتهم لخلق تجربة عميل مميزة وتطوير علامة تجارية ناجحة، إذ ترى الشركات تتنافس بكافة الطرق لتحسين ولاء العملاء بحيث تلجأ إلى طرق تساعد المستخدمين على فهم العلامة التجارية أكثر وتذكّرها لفترة أطول، بالتالي تضمن عودتهم إلى الموقع الإلكتروني أو التطبيق الخاص بالخدمة إذا كانت التجربة رائعة.
كيف تؤثر تجربة العميل على ولاء العملاء؟
إذا أرادت الشركة الحصول على ولاء العملاء والاحتفاظ بهم لفترة طويلة من الزمن، فيجب أن تهتم بكل ما يمكن أن تقدمه خلال تجربة العميل مع خدمتها، بدءًا من مستوى خدمة العملاء إلى سهولة استخدام التطبيق أو الموقع الإلكتروني وحتى كيفية معالجة المشكلات قبل ظهورها. إن منح العميل تجربة جيدة يجعله يهتم بالعلامة التجارية، ويبني الثقة، ويمكن أن يجعله أكثر ولاءً بكثير. من ناحية أخرى، يمكن أن تتسبب التجربة السيئة في ابتعاد العملاء، وهذا أمر يسيئ لسمعة العلامة التجارية عمومًا. ونتيجة لذلك، يعتبر السعي لضمان ولاء العملاء أمرًا بالغ الأهمية.
وهنا أبرز 3 نقاط تبيّن حلقة الوصل بين تجربة العميل المميزة والحصول على ولائه:
- المشاعر: عندما يحظى العميل بتجربة إيجابية مع علامة تجارية، فإنه يتفاعل معها على المستوى العاطفي. من الممكن أن يصبح الشخص الذي نقر على هذا الرابط ذات مرة، عميلًا وفيًا للعلامة التجارية لأن مشاعره تخبره أن هذه الخدمة جعلته يشعر بالسعادة سابقًا، فسيقرر الشراء منها مرة أخرى وسيخبر أصدقاءه عنها أيضًا.
- بناء الثقة: إذا كانت خدمتك تجعل العملاء يضحكون، ويشعرون بالأمان عند التعامل معها، وتخطر على بالهم فورًا عند الحاجة، أي أنهم يصدقونك أكثر من أي علامة تجارية أخرى، فأنت قد بنيت الثقة بالفعل معهم. يبقى العملاء مع العلامة التجارية لفترة أطول إذا كانوا يعتقدون أنها ترقى إلى مستوى آمالهم وتطلعاتهم.
- القيمة المتصوّرة: يمكن لكيفية استخدام العميل للمنتج أو الخدمة أن تغير أيضًا من شعوره بقيمتها. على سبيل المثال.. عندما يحصل العملاء على أكثر مما يتوقعون من الشركة ويرون في المنتجات ما يفوق توقعاتهم، فإنهم غالبًا ما يرون قيمة أكبر في الأشياء التي يشترونها وهذا يجعلهم يحبون علامتك التجارية أكثر.
تجربة إيجابية واحدة خيرٌ من كثرة التجارب السيئة
يمكن أن يكون للتجربة السيئة تأثير كبير على ولاء العملاء. وقد أظهرت الدراسات أن عددًا قليلاً من تجارب العملاء الإيجابية يمكن أن يعوّض تجربة سلبية واحدة. حيث يفضل 43% من المستهلكين دفع المزيد مقابل راحة أكبر خلال الخدمة. وفي المقابل.. فإن 42% على استعداد لدفع المزيد مقابل تجربة ودية ومرحّبة، أي تجربة عملاء مميزة. لذا لإبقاء العملاء يعودون مرارًا وهم سعيدون وجعلهم أكثر ولاءً لخدمتك، من المهم جدًا أن تتحكم في تجربتهم في جميع نقاط تفاعلهم معها.
استراتيجيات الاستفادة من تجربة العملاء لتعزيز ولائهم
إن تحويل تجربة العملاء من مجرد خدمة أساسية إلى دافع وسبب رئيسي لتحقيق الولاء للعلامة التجارية والدعوة لها يتطلب جهدًا وتخطيطًا والعديد من الخطوات. خاصةً إذا أحسّ العميل أنه بدأ يشعر بالسلبية تجاه خدمتك، فيُصبح من الضروري التصرف سريعًا وإعادة جذبه بحرص شديد.
إليك أهم الاستراتيجيات الفعالة التي تلعب دورًا في هذا التحول وتساعد الشركات في بناء وتعزيز ولاء العملاء من خلال تجاربهم الإيجابية معها:
الاستماع الفعال والتعاطف
يعتبر الاستماع الفعال والتعاطف (Empathy) حجر الزاوية في تحويل تجارب العملاء السلبية إلى إيجابية وزيادة سعادتهم. عندما يستمع موظفو الدعم إلى العملاء بصدق ويتعاطفون معهم، فإنهم يفهمون المشكلة بشكل أفضل ويُشعرون العملاء بأنهم مسموعون ومقدَّرون وأن تفضيلاتهم في المقام الأول. وإذا كان الموظف مريحًا وصبورًا ولطيفًا، سيجعل ذلك العميل سعيدًا قبل أن يقرر الشراء. هذه المقاربة ضرورية للغاية، خاصةً في المواقف السلبية. حيث يمكن أن تُسهم في تحول مشاعر العميل من الإحباط إلى الثقة والتقدير.
لذا يجب منح الموظفين تدريبًا شاملًا قبل توظيفهم وجعلهم يتخذون قرارات تركز على مشاعر العملاء. فهذا يؤدي إلى علاقات أفضل وعملاء أكثر ولاءً. كما ينبغي تدريب موظفي الدعم على ممارسة الاستماع الفعال، والذي يتضمن الاستماع باهتمام، والإقرار بمشاعر العميل، وتأكيد مخاوفه. يجب أن يتجاوز التعاطف الكلمات وأن يتجلّى واضحًا في كيفية تقديم الحلول والنهج العام لحل مشكلة العميل. على سبيل المثال، لا تقل للعميل “سنعمل على حلّ المشكلة” فقط، بل رافقه في رحلة الحل وكن معه خطوة بخطوة وأظهر اهتمامك.
تطوير حلول سريعة وفعالة للمشكلات
تعتبر الاستجابة الفعّالة لحل المشكلات بسرعة وفعالية أمرًا أساسيًا لمنع استياء العملاء. ينبغي استخدام أنظمة تستجيب على الفور لشكاوى العملاء ومشاكلهم والتطوير من مرونة خدمة العملاء لحل المشكلات الشائعة بسرعة. مع التأكد من أن الحلول المستخدمة تتصدّى بفعالية لمخاوف العملاء. يمكن أن يؤدي تفحّص أنظمة الخدمة وغيرها وتوقّع المشكلات وحلّها قبل أن تؤثر على مراحل رحلة العملاء إلى تحسين تجربتهم بشكل كبير. حيث أن السيطرة التامة على خدمة العملاء وحلّ المواقف السيئة بتحويلها إلى مواقف جيدة ترضي العميل، يعزز ثقة العملاء ويحفر في ذاكرتهم اسم علامتك التجارية.
يمكن أن يؤدي دمج التكنولوجيا في الخدمة مثل استخدام بوتات المحادثة والذكاء الاصطناعي ونظم إدارة علاقات العملاء (CRM) إلى تسهيل العلاقات مع العملاء ومساعدتك على خدمتهم وحل مشاكلهم بشكل أسرع وأفضل، ما يشجّعهم على الولاء لعلامتك التجارية.
الاهتمام بآراء العملاء وتقييماتهم
تعتبر متابعة رحلة العميل وجمع الملاحظات حول أداء الخدمة والنظر فيها بأسرع وقت ممكن أمرًا ضروريًا في تعزيز تجربة العملاء الإيجابية وإظهار أن العلامة التجارية تقدر آراء عملائها وترغب في الاستمرار في التحسين وتفادي الأخطاء. مما يجعلهم أكثر سعادة وإخلاصًا. لذا حاول متابعة آراء العملاء بعد حل مشاكلهم أو إنهاء تجربتهم الأولى مع خدمتك من خلال الاستطلاعات. وتأكد من رضاهم. اجعلهم يشاركونك ملاحظاتهم بسهولة بتنفيذ آليات فعالة تسمح لهم بمشاركة تجربة الدعم بدون تردد.
مفاجأة العميل وإحساسه بالأهمية من خلال التخصيص
“المفاجأة والإحساس بالأهمية والتركيز عليه” هي استراتيجية لتعزيز إخلاص العميل من خلال تجاوز توقعاته حول الخدمات الإيجابية والمفاجآت التي تقدّمها الشركة لعملائها المخلصين لزيادة ثقتهم بالعلامة التجارية. هذه الطريقة قوية بشكل خاص في حل التجارب السلبية التي قد يخوضها أي عميل. فمجرد إظهار الاهتمام به سيجعله متمسكًا بالخدمة.
يكمن مفتاح إسعاد العميل في التخصيص (personalization). إن تخصيص تجربة المستخدم لتتناسب مع تفضيلات وأفعال كل مجموعة متشابهة من العملاء يمكن أن يعزز سعادتهم بشكل كبير. يمكنك أن تمنح كل شخص تجربة أكثر تميزًا إذا كنت تعرف ما يريد وكيف يمكن أن يتصرف في المستقبل مع خدمتك. فتوائم متطلّباته، وهذا ما يحتاجه للارتباط مع علامتك التجارية.
يمكن أيضًا أن يساعد استخدام برامج ولاء العملاء التي تقدم مزايا حقيقية للعملاء الأكثر إخلاصًا لعلامتك التجارية في الحفاظ على ولائهم. يجب أن تكون هذه البرامج سهلة الفهم وتوفر قيمة حقيقية لضمان استمرار العملاء بالتعامل مع الشركة.
مشاركة قصص نجاح العلامة التجارية
يمكنك مشاركة قصص نجاح شركتك أو خدمتك باستعراض بعض أجزاء من مراحل العميل أو المحادثات معه – بعد موافقته – فهذه طريقة قوية لعرض النتائج الإيجابية وزيادة موثوقية العلامة التجارية. سواء من خلال شهادات العملاء أو دراسات الحالة أو منشورات وسائل التواصل الاجتماعي. فإن مشاركة كيفية حل التجارب السلبية بنجاح وآراء العملاء يعزز فكرة التزام العلامة التجارية برضا عملائها أمام الجمهور المستهدف لأنها بذلك توفر أمثلة ملموسة على نجاح الخدمة في تلبية حاجيات العميل بكل جدارة، وبالتالي زيادة شعبيتها.
اتساق خدمة العملاء عبر جميع قنوات التواصل
يمكن للعملاء التواصل مع العلامات التجارية بعدة طرق مختلفة بحسب ما يناسبهم وما يفضلون. لذا ينبغي التأكد من أن جودة الخدمة متساوية على جميع المنصات لتسهيل التواصل بالنسبة للعملاء وجعلهم يعودون مرة أخرى.
من خلال دمج هذه الاستراتيجيات في عمليات تجربة العملاء، يمكن للشركات تحويل التجارب السلبية إلى فرص لبناء الولاء والثقة. يُظهر الاستماع الفعال والتعاطف للعملاء أنهم قيّمون. وتعالِج الحلول السريعة مخاوفهم بشكل فعال، كما أن المتابعة مع جمع ملاحظاتهم تُظهر الالتزام بالتحسين المستمر والاهتمام برضاهم أولًا. تعمل الأساليب السابقة على حل المشكلات الفورية وتعزيز الولاء والمناصرة للعلامة التجارية على المدى الطويل.
يُمكن أيضًا تحسين تجربة العملاء وبالتالي زيادة ولائهم من خلال خريطة التعاطف (Empathy Map)، هل تعرفها؟ يمكنك الاطلاع على مفهوم خريطة التعاطف وكيف يمكن استخدامها في تحسين تجربة العميل في المقال التالي من سلسلة “دليلك الشامل لفهم تجربة العميل”. قراءة ممتعة!
لا تنسَ فرصتك الذهبية في تعلّم كتابة تجربة المستخدم من منصّتنا الآن مع جلسات تفاعلية مباشرة وأمثلة عمليّة خلال 36 ساعة من التدريب والتطبيق! احجز مقعدك الآن في الدورة التأسيسية في كتابة تجربة العميل على منصّتنا.
تابع السلسلة: