دليلك إلى معرفة أساسيات تصميم الخدمة (Service Design)

ما هو تعريف الخدمة (Service Definition)؟

يميّز الاقتصاد التقليدي بوضوح بين السلع (goods) والخدمات (services).

  • السلع ملموسة وقابلة للاستهلاك مثل: الأقلام والنظارات الشمسية أو الأحذية.
  • الخدمات هي تبادلات لحظية غير ملموسة ولا تؤدي إلى الملكية مثل: العلاج الطبي أو الخدمة البريدية أو النقل العام.

أما اليوم، لم يعد هناك فرق واضح بين السلع والخدمات. فمثلاً أي أغنية بصيغة (ملف mp3) تُعتبر منتجاً يمكن الحصول عليه عبر خدمة مثل Spotify أو Apple Music. بالنسبة للمستخدم قد يكون هذا الفرق بين المنتج (السلعة) والخدمة – أي امتلاك ملف الصوت مقارنةً ببث الأغنية – متشابهاً تقريباً في حين أنهما مختلفان تماماً خلف الكواليس.

بعبارة أخرى:

شراء ملف mp3 يعني امتلاكك له بشكل دائم (سلعة)، بينما استماعك للأغنية عبر Spotify يعني استخدامك لخدمة تتيح لك سماع الأغاني مقابل اشتراك أو إعلانات (خدمة). من وجهة نظرك كمستخدم فكلاهما يوفّر لك الهدف وهو سماع الأغنية، إلا أن طبيعة التعامل مع كل منهما مختلفة تماماً.

دليلك إلى معرفة أساسيات تصميم الخدمة (Service Design)

مع تزايد تعقيد الخدمات، تزداد كذلك الحاجة إلى دعمها أكثر. غالباً ما تتعطّل تجارب المستخدمين بسبب تقصير في التنظيم الداخلي. على سبيل المثال، متى كانت آخر مرة اتصلت بالخط الساخن للدعم والمساعدة وقدّمت بياناتك الشخصية ثم تمّ تحويلك إلى موظّف آخر يطلب منك تكرار نفس البيانات التي قدّمتها بالفعل؟ هذه المشكلة تمثّل نقطة ألم ناتجة عن عيوب في النظام الداخلي سببه الأساسي إهمال تصميم الخدمة.

ما هو تصميم الخدمة (What is Service Design)؟

ينصبّ اهتمام معظم المؤسسات حول المنتجات وقنوات التسليم، ويتم إنفاق العديد من موارد المؤسسة (الوقت والميزانية والدعم اللوجيستي) على المخرجات النهائية التي تواجه العملاء. وأثناء ذلك يتم التغاضي عن العمليات الداخلية (تجربة موظفي المؤسسة كمثال). تصميم الخدمة يركّز تحديداً على هذه العمليات.

 

تعريف تصميم الخدمة: نشاط معني بالتخطيط وتنظيم موارد الأعمال (الأفراد، الأدوات، العمليات) من أجل: 1) تحسين تجربة الموظف بشكل مباشر، 2) تحسين تجربة العملاء بشكل غير مباشر.

 

مثال على تصميم الخدمة

تخيّل مطعماً يعمل به مجموعة من الموظفين: المضيف، والنادل، وعامل النظافة، والطهاة. يركّز تصميم الخدمة على كيفية عمل المطعم وطريقة تقديم الطعام المعدّ، من شراء واستلام مكوّنات الأكل إلى توظيف طهاة جدد إلى التواصل بين النادل والطبّاخ بشأن حساسية أحد الزبائن من طعام معين.. إلخ. يلعب كل هؤلاء دوراً في الطعام الذي يصل في النهاية إلى طبق الزبون (العميل) على الرغم من أنهم ليسوا جزءاً مباشراً من تجربته. يُمكن رسم تصميم الخدمة باستخدام مخطط الخدمة (service blueprint)

دليلك إلى معرفة أساسيات تصميم الخدمة (Service Design)

عناصر تصميم الخدمة

كما نعلم، في تصميم تجربة المستخدم (UX Design) يجب تصميم العديد من العناصر مثل:

  • العناصر المرئية
  • الميزات
  • الأوامر
  • كتابة الإعلانات (copywriting)
  • هيكلة المعلومات (information architecture)
  • والمزيد

والتصميم وحده لا يكفي، بل يجب أيضاً دمج هذه العناصر معاً لإنشاء تجربة مستخدم (UX) ناجحة.

لحسن الحظ يتّبع تصميم الخدمة نفس الفكرة تماماً. هناك عدة عناصر يجب تصميمها بشكل صحيح وكذلك دمجها معاً.

عناصر تصميم الخدمة:

1- الأفراد

2- الأدوات

3- العمليات

 

1- الأفراد

يشير هذا العنصر إلى أي شخص يُنشئ الخدمة أو يستخدمها أو يتأثر بها بشكل غير مباشر.

👇 إليك أمثلة على الأفراد:

  • الموظفين
  • العملاء
  • العملاء الآخرون الذين يُقابلهم العميل خلال تجربته للخدمة
  • الشركاء

 

2- الأدوات

يشير هذا العنصر إلى الأدوات المادية أو الرقمية (بما في ذلك المنتجات) اللازمة لتنفيذ الخدمة بنجاح.

👇 إليك أمثلة على الأدوات:

  • الفضاء المادي: واجهة المتجر، نافذة الصراف (في البنوك)، غرفة المؤتمرات
  • البيئة الرقمية التي يتم من خلالها تقديم الخدمة:
    • صفحات الويب
    • المدونات
    • وسائل التواصل الاجتماعي
  • الأشياء والأدوات الجانبية:
    • الملفات الرقمية
    • المنتجات المادية

 

3- العمليات

ويُقصد بها أي إجراءات أو خطوات وسير عمل معين يؤديها الموظف أو المستخدم طوال فترة الخدمة.

👇 إليك أمثلة على العمليات:

  • سحب الأموال من الصراف الآلي
  • حل مشكلة معينة عبر الدعم
  • مقابلة موظف جديد
  • مشاركة ملف

 

بالعودة إلى مثال المطعم

نجد أن الأفراد هم:

  • المزارعون الذين يزرعون المنتجات
  • مدراء المطاعم
  • الطهاة
  • مقدّمي الطعام (waiters)

والأدوات:

  • المطبخ
  • مكونات الوصفات
  • برامج نقاط البيع (POS)
  • الزي الرسمي للعاملين

والعمليات:

  • تسجيل حضور الموظفين
  • إدخال طلبات الزبائن في برامج نقاط البيع
  • تنظيف الأطباق
  • تخزين الطعام

 

المرحلة الأمامية مقابل المرحلة الخلفية في تصميم الخدمة

هذه العناصر التي عرضناها تقسّم إلى المرحلة الأمامية (Frontstage) والمرحلة الخلفية (Backstage) اعتماداً على ما إذا كان العملاء يرونها أم لا.

ما المقصود بالمرحلة الأمامية والخلفية؟ 🤔

  • المرحلة الأمامية (Frontstage): كل ما يراه العميل ويتفاعل معه بشكل مباشر.
  • المرحلة الخلفية (Backstage): هي كل ما يحدث خلف الكواليس ولا يراه العميل، ولكنه ضروري لتقديم الخدمة.

لتوضيح الأمر بشكل أفضل:

هل حضرت عرضاً مسرحياً من قبل؟ أنت (الجمهور) ترى كل شيء أمام الستار: الممثلين، الأزياء، الديكور..

لكن خلف الستار يوجد نظام آخر متكامل لا تراه: المخرج، عمّال المسرح، منسّق الإضاءة، مصمّم الديكور..

دليلك إلى معرفة أساسيات تصميم الخدمة (Service Design)

على الرغم من عدم رؤية ما يحدث في المرحلة الخلفية من قِبل الجمهور إلا أنها تلعب دوراً حاسماً في تشكيل تجربة الجمهور نفسه. ما يحدث في المطبخ يحدّد ما يظهر على طاولتك.

عناصر المرحلة الأمامية في تصميم الخدمة تشمل:

  • القنوات
  • المنتجات
  • نقاط الاتصال (أي نقطة تفاعل بين العميل والخدمة)
  • الواجهات

عناصر المرحلة الخلفية في تصميم الخدمة تشمل:

  • السياسات
  • التكنولوجيا
  • البنية التحتية
  • الأنظمة

 

تصميم الخدمة مقابل تصميم خدمة – Service Design vs. Designing a Service

تجدر الإشارة إلى أن تصميم الخدمة ليس مجرد تصميم خدمة.

  • تصميم الخدمة يتناول كيف تنجز المؤسسة شيء ما، التركيز هنا على العمليات الداخلية. فكّر في تجربة الموظف (employee experience).
  • أما تصميم خدمة يتناول نقاط الاتصال التي تشكّل رحلة العميل، التركيز هنا على التفاعلات المباشرة بين العميل والخدمة. فكّر في تجربة المستخدم (user experience).

على سبيل المثال.. كل تطبيق برمجي لديه واجهة مستخدم، مهما كانت بدائية. ومع ذلك، فإن كتابة كود يُنشئ واجهة كمنتج ثانوي لا يمكن تسميته “عملية تصميم واجهة مستخدم”.

بمعنى آخر:

مجرد وجود واجهة لا يعني أنها مُصمّمة. قد تكون الواجهة موجودة ببساطة لأنها ضرورية لتشغيل البرنامج، ولكنها قد تكون غير مريحة أو صعبة الاستخدام.

بالمثل، حتى لو تم إنشاء واجهة المستخدم من عملية تصميم مدروسة، فإنها لن تكون نتاج “تصميم تجربة المستخدم” ما لم يتم أخذ تجربة المستخدم في الاعتبار.

بمعنى آخر:

ما لم يتم أخذ تجربة المستخدم في الاعتبار. يعني هذا أن تصميم واجهة المستخدم الجيد لا يكفي. يجب أيضاً مراعاة احتياجات المستخدمين، وتوقعاتهم، وسلوكهم، لجعل تجربتهم مع المنتج أو الخدمة إيجابية.

 

الآن نأتي للسؤال الأهم:

لماذا يجب على مصمّم تجربة المستخدم الاهتمام بمفهوم تصميم الخدمة وتجربة الموظف؟

تؤثّر العمليات الخلفية للمؤسسة (كيف نفعل الأشياء داخلياً – المرحلة الخلفية) على تجربة المستخدم الشاملة بنفس قدر، إن لم يكن أكثر من، نقاط التفاعل المرئية التي يواجهها المستخدمون.

على سبيل المثال:

❎ إذا نسي النادل أو لم يبلّغ الطاهي عن حساسية لدى أحد الزبائن تجاه أطعمة معينة فقد يؤدي ذلك إلى عواقب وخيمة تؤثر بشكل سلبي على تجربة العميل.

✅ إذا كان المطعم مكتظًا، ولكن لديه عملية منظّمة لإخلاء الطاولات وتخصيص المقاعد، فلن يضطر العملاء أبدًا إلى الانتظار أو حتى معرفة أنه مكتظ في المقام الأول.

باختصار:

ما يحدث خلف الكواليس (المرحلة الخلفية) يؤثّر بشكل كبير على تجربة العميل، حتى لو لم يره العميل. لذا من المنطقي أن يهتم مصمّم تجربة المستخدم بمعرفة تلك الأمور ووضعها في الاعتبار أثناء عمله على تصميم أحد المنتجات الرقمية.

فوائد وأهمية تصميم الخدمة

يتم إنفاق معظم موارد المنظمات (الوقت والميزانية واللوجستيات) على المخرجات التي تواجه العملاء مثل واجهة المستخدم، والتسويق، في حين يتم تجاهل العمليات الداخلية (بما في ذلك تجربة موظفي المنظمة).

بمعنى آخر، تركّز معظم المنظمات على تحسين الجوانب الظاهرة للعملاء لجذبهم ورضاهم، ولكنها تهمل تحسين العمليات الداخلية التي تؤثّر بشكل كبير على جودة الخدمة المقدّمة.

🎯 تذكّر:

عندما لا تهتم المنظمة بتحسين العمليات الداخلية وتجربة الموظفين، يصبح هناك نقص في التواصل والتنسيق بين الأقسام المختلفة، مما يؤدّي إلى مشاكل في تقديم الخدمة للعملاء.

يساعد تصميم الخدمة في سدّ تلك الفجوات من خلال:

1- كشف الصراعات

غالباً ما تتعارض نماذج الأعمال ونماذج تصميم الخدمة، لأن نماذج الأعمال لا تتوافق دائماً مع الخدمة التي تقدّمها المنظمة. يحفّز تصميم الخدمة التفكير ويوفّر سياقاً حول الأنظمة التي يجب أن تكون موجودة من أجل تقديم خدمة كافية طوال دورة حياة المنتج بأكملها (وفي بعض الحالات، بعدها).

2- تشجيع المحادثات الصريحة

يؤدّي النقاش المركّز حول الإجراءات والسياسات إلى كشف نقاط الضعف وسوء التوافق ويمكّن المؤسسات من ابتكار حلول تعاونية ومتعددة الوظائف.

3- تقليل التكرار من خلال رؤية شاملة

يعطي رسم دورة عمليات الخدمة الداخلية بأكملها للشركات رؤية شاملة لنظام الخدمة الخاص بها، سواء داخل عرض كبير واحد، أو عبر عروض فرعية متعددة. تساعد هذه العملية في تحديد مكان حدوث الجهود المزدوجة والمكرّرة، مما يحتمل أن يسبّب إحباط الموظفين وهدر الموارد. يؤدّي التخلص من التكرار إلى الحفاظ على الطاقة وتحسين كفاءة الموظفين وتقليل التكاليف.

4- تكوين العلاقات

يساعد تصميم الخدمة في مواءمة توفيرات الخدمة الداخلية مثل الأدوار والعاملين خلف الكواليس (المرحلة الخلفية) والعمليات وسير العمل مع الموظفين في المرحلة الأمامية. بالعودة إلى مثالنا في المقال، مع تصميم الخدمة، يجب أن تكون المعلومات المقدّمة لموظف واحد متاحة لجميع الموظفين الآخرين الذين يتفاعلون مع نفس العميل.

تاريخ تصميم الخدمة Service Design History 

ظهر مصطلح “تصميم الخدمة” في عام 1982 على يد لين شوستاك (Lynn Shostack). اقترحت شوستاك أن تطوّر المنظمات فهماً لكيفية تفاعل العمليات التي تجري خلف الكواليس مع بعضها البعض لأن “ترك الخدمات للمواهب الفردية وإدارة الأجزاء بدلاً من الكل يجعل الشركة أكثر عرضة للخطر ويُنشئ خدمة تتفاعل ببطء مع احتياجات وفرص السوق”.

لا يزال هذا صحيحاً حتى اليوم، لكن المسؤولية لا تقع على عاتق العمليات والإدارة فقط، كما كانت قبل عشرين عامًا.

ممارسة تصميم الخدمة هي مسؤولية المؤسسة ككل.

 

تمّت ترجمة المقال – بتصرّف – من Service Design 101

شارك المعرفة

دوراتنا المميزة

اختر الدورة المناسبة لأهدافك واحجز مقعدك الآن
الدورة التأسيسية في كتابة تجربة المستخدم
10 محاضرة . 17 ساعة
+ 100 خريج
الدورة المتقدمة في كتابة تجربة المستخدم
20 محاضرة . 40 ساعة
+ 100 خريج
الدورة التأسيسية في كتابة المحتوى
13 محاضرة . 25 ساعة
جديد
الدورة المتقدمة في أنظمة التصميم
24 محاضرة . 36 ساعة
جديد
ورشة عمل قريبا
دورات أخرى
ورشة عمل Design sprint
13 محاضرة . 25 ساعة
جديد