اتجاهات تجربة العملاء لعام 2025: 7 استراتيجيات تضع العلامات التجارية في القمّة
رغم التحوّلات الجذرية في طُرُق البيع والشراء اليوم، تبقى تطلّعات العملاء هي نفسها ثابتة عند فكرة واحدة: الحصول على تجربة استثنائية سواء في سياق التجارة بين الشركات (B2B) أو بين الشركة والمستهلك مباشرة (B2C).
وباتَ من المعروف أن العلامة التجارية التي تقدم تجربة ضعيفة لا تخسر عملاءها فحسب، بل قد تصبح موضع تحذير بين الأصدقاء والعائلة ومتابعي وسائل التواصل الاجتماعي. وتلك سمعة لا تتحمّل أي علامة تجارية خسارتها، وهو ما تعكسه بوضوح اتجاهات تجربة العملاء لعام 2025.
وفي ظلّ هذا المشهد، تبدو الكثير من العلامات التجارية مهدّدة. فبحسب مؤشر تجربة العملاء في الولايات المتحدة الصادر عن Forrester، وصلت جودة تجربة العملاء إلى أدنى مستوياتها في عام 2024، وتعود أسباب هذا التراجع إلى عدة عوامل، أبرزها غياب التجارب السّلسة، والتجربة الرقمية المحبطة عند استخدام بوتات المحادثة (Chatbots)، إضافة إلى القلق العام الذي يعيشه المستهلك بسبب الأوضاع الاقتصادية.
فكيف تتعامل العلامات التجارية مع تلك التحدّيات؟ وما هي أبرز الاتجاهات في مجال تجربة العملاء (CX) لعام 2025؟
7 اتجاهات رئيسية في تجربة العملاء لعام 2025 وما بعد: أدوات لبناء الولاء وتعزيز النمو
الأساليب الناجحة لبناء الولاء وتعزيزه في عام 2025 لا تقتصر على توظيف أحدث التقنيات فقط؛ بل تعتمد على مدى فعاليتها وقدرتها على التطوّر لمواكبة تغيرات احتياجات العملاء.
وفيما يلي أبرز اتجاهات تجربة العملاء لعام 2025 التي ستسيطر على المشهد – CX Trends:
1. الارتقاء ببرامج الولاء: ولاء العملاء لا يُشترى… بل يُكافأ
استقطاب العملاء والاحتفاظ بهم أصبح تحدياً كبيراً في السوق الحالية، وتُعدّ برامج الولاء والمكافآت وسيلة فعّالة لجعل العملاء يعودون مرة تلو الأخرى.
تشمل هذه البرامج خصومات، وحوافز نقدية، ومزايا حصرية تمنح العملاء شعوراً بالتميز والانتماء، وهو ما يخلق تجربة دافئة وعاطفية تحفّزهم على تكرار الشراء.
بحسب استطلاع أجرته PwC، قام 54% من الرؤساء التنفيذيين للتسويق بزيادة ميزانياتهم المخصّصة لبرامج الولاء والاحتفاظ بالعملاء خلال هذا العام. وفي عام 2025، ستتجه المزيد من العلامات التجارية إلى هذه الاستراتيجية كوسيلة لتحقيق النمو المستدام، فالعملاء الذين يشعرون بالتقدير هم الأكثر استعداداً للترويج للعلامة عبر وسائل التواصل، والاشتراك في النشرات البريدية، والمشاركة في العروض، وتكرار عمليات الشراء.
وبالتأكيد في سوق مشبعة بالخيارات وسريعة التقلّب، فإن هذا النوع من الولاء لا يُقدّر بثمن. إذن إن فهم دوافع الولاء لدى العملاء، ورسم خريطة رحلتهم مع العلامة التجارية، يفتحان آفاقاً جديدة للنمو.
تصفّح أيضاً: تأثير تجرِبة العميل (CX) على ولاء العملاء
2. اتجاهات تجربة العملاء لعام 2025: عصر “التخصيص الفائق (Hyper-Personalization)”
لم يعد العملاء يكتفون بتجربة مخصّصة… بل أصبحوا يتوقّعونها!
الاتجاه الجديد للتخصيص يُعرف بـ “التخصيص الفائق (Hyper-Personalization)” أو ما يُطلق عليه “النهج الفردي (Segment-of-One)”، والذي يُمكّن العلامات التجارية من استهداف كل عميل بشكل منفصل برسائل دقيقة تتناسب مع شخصيته واهتماماته. ومن خلال بيانات العملاء النفسية والسلوكية، يمكن تقديم تجربة مصممة خصيصاً من أجلهم.
وأظهرت دراسة أعدّتها McKinsey & Company أن 71% من المستهلكين يتوقعون تجارب مخصّصة من العلامات التجارية، بينما عبّر 76% عن شعورهم بالإحباط نتيجة غياب هذا التخصيص.
فعندما تُقدّم العلامة التجارية ما يريده العميل فعلاً، فإنها لا تبيع خدماتها فقط؛ بل تبني ولاءً راسخاً. ووفقاً لاستطلاع PwC، يرى 61% من مديري التسويق أن التّخصيص يمثّل الأولوية القصوى لتحفيز ولاء العملاء.
لكن يجدر التنويه إلى أن مجرد تطوير تطبيق أو محتوى مخصص لكل عميل لا يكفي؛ بل يجب أن يكون هذا محتواك سهل الاستخدام وبديهياً لضمان تجربة مستخدم إيجابية.
اقرأ أيضاً: التخصيص (Personalization): تعريفه وكيف يحسّن تجربة المستخدم
3. التّفاعل الصّوتي: ميزة اتجاهات تجربة العملاء لعام 2025
من المتوقّع أن تصل قيمة سوق تقنية الصوت إلى 50 مليار دولار بحلول عام 2029 بحسب إحصائيات Statista، ما يجعل من التجارة الصوتية والمساعدات الرقمية، مثل Siri من Apple وAlexa من Amazon، أدوات رئيسية في تشكيل اتجاهات تجربة العملاء لعام 2025.
ومع امتلاك 40% من مستخدمي الإنترنت في الولايات المتحدة لمساعدات صوتية يستخدمونها شهرياً بحسب مدونة Hubspot، فإنه يتوجب على العلامات التجارية الإلكترونية تحسين مواقعها لتواكب فكرة “التجارة بالصوت” إن أرادت البقاء في الطليعة والتفوّق على المنافسين.
توفّر تقنية الصوت للعلامات التجارية فرصة فريدة لتقديم تجربة سلسة ومتميزة على نطاق واسع، ولكن يتطلّب الأمر تطوير تطبيقات ذكية قادرة على فهم اللغة الطبيعية للبشر. ويسعى المطوّرون حالياً لدمج تقنيات مثل معالجة اللغة الطبيعية (Natural Language Processing – NLP)، والذكاء الاصطناعي التحاوري (Conversational AI)، والتعلم الآلي، لفهم تفاعلات العملاء بشكل أفضل.
ومن الأمثلة البارزة على ذلك تطبيق “Mercedes me connect” من شركة Mercedes-Benz، والذي يتيح من خلال المساعد الصوتي Alexa فتح أبواب السيارة، تشغيل المحرّك، تكييف السيارة مسبقاً، وإرسال وجهات السفر إلى نظام الملاحة، كل ذلك قبل حتى أن يفتح المستخدم باب السيارة!. كما يمكن للتطبيق تحديد موقع السيارة، ومعرفة كمية الوقود المتبقية، أو مراجعة جدول الصيانة.
4. الواقعان الافتراضي والمعزز (VR) & (AR): حينما تنبض التجربة الرقمية بالحياة
سيظل دمج الواقع الافتراضي والواقع المعزز (Virtual and Augmented Reality – (VR) & (AR)) واحداً من أبرز اتجاهات تجربة العملاء لعام 2025، لما يقدّمه من تجارب تفاعلية مذهلة تعزّز الإقناع، وتثري سرد القصة البصرية، وتحفّز الشراء.
ووفقاً لإحصائيات Statista، من المتوقع أن يرتفع عدد مستخدمي الواقع المعزز حول العالم إلى 4.3 مليار مستخدم في عام 2025، مقارنة بـ1.5 مليار في عام 2021، وهذه زيادة ضخمة تنبئ بالكثير!
تتيح هذه التكنولوجيا دمج العوالم الرقمية والمادية لعرض المنتجات بطريقة مبتكرة تُظهر قيمتها وفوائدها بشكل حيّ وواقعي ليلتمس العملاء ذلك على الفور. ومن أبرز الإشارات على هذا التوجه إطلاق جهاز Vision Pro من شركة Apple – كاميرا ثلاثية الأبعاد – والذي ساهم في ظهور مفهوم ما يُسمى “التجارة المكانية (Spatial Commerce)”.
ومن النماذج الإبداعية على هذا الاتجاه أيضاً، حملة Malfy Gin التي استخدمت الواقع المعزز لخلق تجربة غامرة بزاوية 360 درجة، جمعت بين التصوير الواقعي والرسوم الإبداعية، لتنقل المستخدم في رحلة بصرية إلى سواحل أمالفي في إيطاليا.
5. نحو إتقان تجربة القنوات المتعددة (Omnichannel Harmony): خطوة حاسمة لتعزيز تجربة العملاء في عام 2025
مع ازدياد عدد نقاط الاتصال بين العملاء والعلامات التجارية، لم يعد اعتماد استراتيجية القنوات المتعددة خيار إضافي؛ بل أصبحت ضرورة لا غنى عنها. فإدارة تلك القنوات بشكل موحّد ومتناسق يفرض على العلامات التجارية اتباع نهج تكاملي يستوعب احتياجات العملاء أينما وُجدوا.
سواء تواصل العميل مع العلامة التجارية داخل المتجر، أو عبر الإنترنت، أو من خلال الرسائل النصية، أو تطبيق الهاتف المحمول، أو حتى بالحديث المباشر مع موظف خدمة العملاء، فهو يتوقع استجابة فورية عبر القناة التي يفضلها.
وقد كشفت دراسة صادرة عن Deloitte أن العملاء الراضين عن هذه التجربة الشاملة والمتناغمة (أي تعدّد القنوات) أكثر احتمالاً بنسبة 3.6 مرة لشراء منتجات أو خدمات إضافية. كما أن تقديم تجربة متميزة كهذه يُسهم في تقليص التكاليف ويمنح العلامات التجارية فرصة للتركيز على العملاء ذوي القيمة العالية، الذين يتفوق متوسط أعمارهم الشرائية (تقدير الإيرادات المتوسطة التي سيحققها العميل طوال فترة حياته مع العلامة) بنسبة 1.6 مرة عن غيرهم.
ورغم أن إمكانات التفاعل عبر قنوات متعددة ما تزال غير مُستغلة بالشكل الكافي؛ إلا أنه يُتوقع أن يكون عام 2025 نقطة تحوّل في هذا المجال، لا سيّما حين تقترن هذه الاستراتيجية بإمكانات الذكاء الاصطناعي. فبفضل قدرته على جمع وتفعيل بيانات العملاء والمبيعات والمنتجات على نطاق واسع، يشكّل الذكاء الاصطناعي أداة قوية في سعي العلامات التجارية نحو تحسين هذه التجربة.
وكلما استثمرت العلامة التجارية في تحليل بياناتها لاستخلاص رؤى عميقة حول رحلة العميل، ارتفعت فرصتها في تحقيق مكاسب جوهرية. ذلك أن العملاء الذين ينخرطون في تجربة تسوّق متعددة القنوات يميلون إلى الإنفاق أكثر، ويتمتعون بولاء أعلى مقارنة بأولئك الذين يكتفون بالتسوّق عبر قناة رقمية واحدة، وهو ما يجعل من هذا الاتجاه أحد أهم ركائز تجربة العملاء لعام 2025.
6. اتجاهات تجربة العملاء لعام 2025: خدمة العملاء ترتقي بدعم الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلة
تتمحور تجربة العملاء الناجحة حول تقديم خدمة فعّالة وسريعة تستجيب لمطالب العملاء وتُعالج مشكلاتهم دون تأخير. واليوم، تعتمد العلامات التجارية بشكل متزايد على بوتات المحادثة المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتقديم هذا المستوى من الخدمة، وهو اتجاه سيواصل النمو في عام 2025.
ولا يمانع العملاء هذا التحوّل، ما دامت التقنية تُلبّي احتياجاتهم بكفاءة. فقد أظهرت دراسة أن 73.5% من المستهلكين لا يمانعون أن تستخدم العلامات التجارية الذكاء الاصطناعي عبر قنواتها الاجتماعية لتسريع الخدمة. إلا أن هذا الحماس لم يشمل المحتوى المولّد بالذكاء الاصطناعي.
ومع تسارع تطوّر هذه التقنيات، من المتوقع أن تعتمد العلامات التجارية بشكل أكبر على بوتات محادثة أكثر ذكاءً، والتحليلات التنبؤية، وأدوات أتمتة متقدمة لتقديم ردود دقيقة وسريعة على استفسارات العملاء.
إن الأمر لا يقتصر على التفاعل اللحظي، بل يمتد إلى فكرة دمج الذكاء الاصطناعي في مختلف مراحل رحلة العميل. وقد أظهرت دراسة صادرة عن Capgemini في أواخر العام الماضي أن ما يقرب من 60% من المؤسسات بدأت فعلياً في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي ضمن جهودها التسويقية.
اقرأ أيضاً: 13 طريقة لتحسين تجربة العميل بالذكاء الاصطناعي
7. استباق احتياجات العملاء: حقبة جديدة من التفاعل
لم تعد العلامات التجارية الناجحة تعتمد نهج “انتظار رد الفعل” لفهم احتياجات عملائها؛ بل باتت تستبق الأحداث، وتسعى لتعميق العلاقة وتحسين تجربة العميل قبل أن يُبادر هو بالتواصل.
وقد كشفت دراسة أجرتها Gartner أن 13% فقط من أصل 6000 عميل شملهم الاستطلاع أفادوا بتلقّيهم خدمات استباقية. ومع ذلك، فقد أظهرت النتائج أن هذا النوع من التفاعل يُحسّن مؤشر صافي المروجين (NPS) ورضا العملاء بمقدار نقطة واحدة (تُقاس هذه المؤشرات بالنقاط).
لكن كيف يمكن استباق احتياجات العملاء؟ من خلال الاستفادة من البيانات الناتجة عن الاستبيانات، ومراقبة وسائل التواصل الاجتماعي، وقنوات التغذية الراجعة، يمكن تحليل السلوكيات والرؤى النوعية بشكل استباقي للتعامل مع التحديات قبل أن تظهر.
وتُحقق العلامات التجارية التي تتبنّى هذا النهج عبر التواصل مع العملاء وتنبيههم بالمشكلات قبل وقوعها، نتائج استثنائية على مستوى رضا العملاء، والولاء، والانطباع الجيد عن العلامة، وكفاءة العمليات، والابتكار.
الرهان على تجربة العملاء: مهمة صعبة ولكنها محورية
من المؤكد أنّ تقديم تجربة عملاء مثالية ليس بالأمر الهيّن. فقد كانت هذه المهمة دائماً من أكثر التحديات تعقيداً، ومع تسارع وتيرة التحوّل الرقمي، أصبحت المهمة أكثر صعوبة وتعقيداً.
ولكن إذا أردت تجنّب تُصنيف علامتك التجارية ضمن قائمة أصحاب التجارب السيئة، فهناك خمسة معايير أساسية يجب عليك الالتزام بها:
- السرعة: أصبحت سرعة الخدمة وسرعة الاستجابة عاملاً غير قابل للتفاوض.
- السهولة: التفاعلات السلسة والميسّرة تعزز تجربة عملاء خالية من التوتر.
- الاتّساق: تقديم تجربة موحّدة عبر جميع القنوات يُسهم في بناء الثقة والولاء.
- الودّ: التواصل الدافئ والودود يُرسّخ العلاقة الإيجابية مع العميل.
- البُعد الإنساني: المزج بين الأتمتة والتفاعل البشري يُشعر العميل بأنه مسموع ومفهوم.
ولأن تجربة العملاء باتت مسألة محورية في الأداء المالي للشركات، أظهرت دراسة صادرة عن IDC شملت 1000 من قادة الأعمال أن ما يقرب من ثلثهم اعتبر تحسين رضا العملاء أولوية قصوى، تليها مباشرةً تحسين تجربة العملاء، ثم يأتي نمو الإيرادات.
الخلاصة..
من خلال استثمار البيانات وتحليلها، والاستعانة بالتقنيات الحديثة، تستطيع الشركات بناء علاقات طويلة الأمد مع عملائها تُفضي إلى نمو مستدام وتواكب اتجاهات تجربة العملاء لعام 2025 وما بعد أيضاً.
الأسئلة الشائعة
ما الذي يتوقع حدوثه عام 2025 بما يخص تجربة العملاء؟
سيستمر تسارع التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي التي شهدناها في السنوات الأخيرة في عام 2025، وستصبح حلول التفاعل الآلي مع العملاء أكثر ذكاءً. سيوفّر جيل جديد من وكلاء الذكاء الاصطناعي خيارات خدمة ذاتية تفاعلية عالية التخصيص عبر القنوات الصوتية والرقمية.
كيف ستكون تجربة العميل في عام 2030؟
وفقًا للأبحاث، بحلول عام 2030، ستُنجز 67% من تفاعلات العملاء بين العلامة التجارية والمستهلك باستخدام الأجهزة الرقمية (عبر الإنترنت، والهواتف المحمولة، وغيرها) بواسطة الآلات الذكية بدلًا من خدمة العملاء من البشر، وستُنجز 69% من القرارات المتخذة أثناء تفاعل العملاء بواسطة الآلات الذكية.
المقال_مترجم_بتصرّف_من_المصدر: https://www.the-future-of-commerce.com/2024/11/08/customer-experience-trends-2025-cx/