كيف تستخدم تأثير زيجارنيك (Zeigarnik Effect) في تجربة المستخدم؟

بلوما وولفوفنا زيجارنيك (Bluma Wulfovna Zeigarnik) هي طبيبة وعالمة نفس سوفيتية. في عشرينيات القرن العشرين أجرت بوما دراسة عن ذاكرة الإنسان بما يخص تأثير المهام المكتملة وغير المكتملة عليها، وتوصّلت إلى أن المهام غير المكتملة أو التي تمت مقاطعتها قبل اكتمالها أسهل للتذكر من المهام المكتملة بنجاح، وسمّيت وقتها الدراسة “تأثير زيجارنيك” على اسم الطبيبة.

عن علاقة تصميم تجربة المستخدم (UX Design) بهذا الموضوع: نعلم جميعاً أن قرارات التصميم تعتمد إلى حد كبير على هوية المستخدمين، وكيف يتصرفون وأهدافهم وما هي دوافعهم وكيف يحبَطون، وبالتالي من المهم أيضاً النظر إلى علاقة علم النفس بهذا الموضوع وما يمكننا تعلمه عن السلوك البشري من مختلف الدراسات، لأن حتى المستخدم الأكثر وعياً بذاته وقراراته، غالباً ما يكون في كثيرٍ من الأحيان غير مدرك لكيفية تشكّل القوى غير المرئية لعملية صنع القرار أو سلوكياته، وهذا ما يجعل استخدام تأثير زيجارنيك ضرورة في التصميم، حيث قد يستخدمه المصممون كطريقة قوية تجذب انتباه المستخدمين بشكل فعال.

ما هو تأثير زيجارنيك (Zeigarnik Effect)؟

ينصّ تأثير زيجارنيك أن الأشخاص عادةً ما يتذكرون المهام المكتملة جزئياً بشكل أكثر وضوحاً من تلك التي تم الانتهاء منها لأن الإنسان يشعر بالضغط النفسي عند اكتمال مهمة ما جزئياً، ويشعر بالرغبة أكثر في العودة وإكمال المهمة التي بدأها. بالطبع هذا التأثير يعمل فقط مع المهام التي بدأها الشخص بالفعل سواء كانت مشاهدة مسلسل أو إتمام عملية شراء، لذا إذا لم يبدأ الشخص أو المستخدم بتنفيذ المهمة، فلن يتحرّك لإكمالها فيما بعد، ولن يكون تطبيق تأثير زيجارنيك ناجحاً بشكل جيد.

لفهم تأثير زيجارنيك، فكّر في آخر مرة شاهدت فيها مسلسلاً تلفزيونياً بنهاية مشوّقة وجلست فترة في انتظار الحلقة القادمة. بعد فترة طويلة من انتهاء الحلقة التي شاهدتها، تجد نفسك تفكر في تطورات الحبكة التي لم يتم حلها. هذا الانشغال العقلي هو تأثير زيجارنيك في العمل. تميل أدمغتنا إلى التركيز على المهام أو القصص غير المكتملة، مما يخلق شعوراً بالتوتر حتى نصل إلى النهاية.

كيف يستخدم تأثير زيجارنيك في تصميم تجربة المستخدم؟

يمتلك تأثير زيجارنيك العديد من التطبيقات العملية في الحياة اليومية وفي مجالات مثل التسويق والإعلان وتصميم تجربة المستخدم (UX). على سبيل المثال، في مجال تجربة المستخدم وتصميم المنتجات والتطبيقات، يعد فهم تأثير Zeigarnik أمراً مهماً جداً لتصميم الواجهات والتجارب التي تحافظ على تفاعل المستخدمين وعودتهم بشكل مستمر من خلال تقديم المعلومات تدريجياً أو إنشاء عمليات التطبيق أو الخدمة بشكل تحفيزي يدعو المستخدمين إلى مواصلة التفاعل، لذا يمكن الاستفادة من هذا التأثير لتحسين الاحتفاظ بالمستخدمين ورضاهم.

هناك طريقتان رئيسيتان لتطبيق تأثير زيجارنيك في عمليات التصميم في تجربة المستخدم (UX):

  • عدم الإكمال غير الصريح: الوسيلة غير المباشرة لاستخدام عناصر التشويق لخلق شعور لدى المستخدم بعدم الارتياح بدون إكمال تنفيذ المهمة. يمكن أن يستخدم المصمم أفكار تشجّع المستخدمين على الاستمرار في التفاعل وذلك باقتراح عناصر تبيّن للمستخدم أن هناك المزيد لفعله واكتشافه، وكأنه يقول: “لا تتوقف، اضغط، أكمل!”. ميزة هذه الطريقة أن المستخدم لن يرى التأثير بشكل مباشر، إنما سيقع تحته بشكل غير مباشر. يخلق عنصر التشويق واللهفة رغبة لدى المستخدم في العودة وإكمال ما بدأه أو إكمال المحتوى الذي استهلكه.
  • عدم الإكمال الصريح: هنا يتم تشجيع المستخدم على العودة لاحقاً وإكمال المهمة بشكل صريح حيث تقدَّم له مهمة متروكة غير مكتملة عمداً، أو ربما نموذج مكتمل بشكل جزئي. هنا يمكن للمستخدم رؤية التأثيرات التي سيقع تحتها بشكل صريح من خلال إلقاء نظرة على واجهة الاستخدام. سيجد أشرطة التقدم والإشعارات ورسائل البريد الإلكتروني وما إلى ذلك والتي ستنقله لإكمال المهمة التي بدأها.

إذن هناك العديد من الطُرُق التي يُمكن توظيف تأثير Zeigarnik وتطبيقه في تصميم تجربة المستخدم من خلالها مثل:

استخدام تأثير زيجارنيك في تصميم واجهات الاستخدام

أحد المجالات الرئيسية التي يتم فيها تطبيق تأثير Zeigarnik هو تصميم الواجهات. يستخدم المصممون استراتيجيات مثل العرض التدريجي للمعلومات (Gradual Presentation of Information) أو إنشاء مهام غير مكتملة للحفاظ على تفاعل المستخدمين وتحفيزهم. على سبيل المثال، من خلال إظهار التقدم الجزئي الذي وصل إليه المستخدم أو إبقاء العناصر التفاعلية غير مكتملة، بهذا يمكن تشجيع مشاركة المستخدم المستمرة.

أشرطة التقدم في العمليات متعددة الخطوات

كما نعلم، تعتبر أشرطة التقدم عناصر تحكم رسومية تُستخدم لإظهار تقدّم العمليات مثل التنزيلات أو تسجيل الدخول أو التثبيت. في تصميم تجربة المستخدم، يمكن استخدام تأثير Zeigarnik للحفاظ على تفاعل المستخدمين وتحفيزهم في العمليات متعددة الخطوات في مختلف الخدمات مثل عملية الدفع الإلكتروني كما في الصورة أدناه. يمكن لشريط التقدم الذي يتتبع رحلة المستخدم أن يوفر إحساساً بالاستمرارية ويشجعه على إكمال المهمة. من المرجح أن ينهي المستخدمون عملية الدفع عندما يمكنهم رؤية مدى تقدمهم بوضوح وما الذي يجب عليهم القيام به.

تأثير زيجارنيك
استخدام تأثير زيجارنيك في عمليات الدفع الإلكتروني

 الملفات الشخصية غير المكتملة في وسائل التواصل الاجتماعي

يمكن الاستفادة من تأثير زيجارنيك في منصات التواصل الاجتماعي لتشجيع المستخدمين على إكمال ملفاتهم الشخصية. على سبيل المثال، تعرض بعض المنصات النسب المئوية لاكتمال الملف الشخصي وتطالب بإضافة المعلومات المتبقية لإكماله. وبذلك، يمكن تحفيز المستخدم للوصول إلى إكمال 100% بسبب الإحساس المزعج بعدم اكتمال المهمة، وذلك بفضل تأثير Zeigarnik.

تأثير زيجارنيك
عرض النسب المئوية لاكتمال الملف الشخصي

الإشعارات غير المقروءة

مثال آخر لتأثير Zeigarnik في تصميم تجربة المستخدم وهو استخدام الإشعارات غير المقروءة كما هو موضح أدناه. عندما ترى إشارة إلى وجود رسائل أو تحديثات غير مقروءة على تطبيقاتك، فغالباً ستنقر عليها. تجبرك الحلقات أو الإشارات المفتوحة الخارجة من هذه الإشعارات على اتخاذ الإجراء اللازم وتنفيذ الإغلاق.

تأثير زيجارنيك
استخدام التأثير في تصميم الإشعارات

التلعيب (Gamification)

يُمكن استخدام تأثير زيجارنيك في استراتيجية التلعيب التي يستغلها البعض في تطبيقات خدماتهم. من خلال دمج عناصر اللعب في التطبيقات ومواقع الويب، مثل التحديات وإظهار الإنجازات والمكافآت، يولّد شعور لدى المستخدم بالتقدم والتحفيز عند إكمال جزء من مرحلة ما. إن عدم اكتمال بعض الأنشطة أو رؤية إمكانية فتح مستويات إضافية مع استمرار الاستخدام يحافظ على اهتمام المستخدم ويحفزه على مواصلة التفاعل مع المنصة.

تخصيص المحتوى

من خلال تقديم التوصيات والمحتوى ذي الصلة بناءً على سجل تفاعلات المستخدم وتفضيلاته، يمكن إنشاء تجربة أكثر إرضاءً وجاذبية. يشعر المستخدم بالرغبة في المزيد من المشاركة عندما يلاحظ أن المحتوى يتناسب مع احتياجاته واهتماماته المحددة، مما يزيد من احتمال استمراره في استكشاف النظام الأساسي واستخدامه.

منصّات بثّ الفيديو عبر الإنترنت

تستخدم منصات بث الفيديو مثل Netflix تأثير Zeigarnik ببراعة من خلال تشغيل الحلقة التالية تلقائياً في المسلسلات، أي بشكل متواصل، وبذلك تستفيد من فضول المشاهدين ورغبتهم في إنهاء المسلسل، مما يشجع على الإفراط في المشاهدة والقيام فعلياً بالمشاهدة بدون وعي.

تأثير زيجارنيك
استخدام تأثير Zeigarnik في منصات بث الفيديو

فوائد استخدام تأثير زيجارنيك في تجربة المستخدم

يمكن استخدام هذا التأثير للاستفادة في الكثير من الأمور في تصميم تجربة المستخدم:

  • ضمان مشاركة المستخدم باستمرار: يساعد تأثير زيجارنيك في تحفيز المستخدمين والعملاء على العودة إلى الخدمة أو المنتج بشكل متكرر بسبب الرغبة في إكمال المهام غير المكتملة.
  • زيادة معدلات التحويل: يمكنك استخدام التذكيرات اللطيفة مثل الإشعارات ورسائل البريد الإلكتروني لتكوين إحساس بالتقدّم في المهمة ما يقود المستخدمين نحو إكمال الإجراءات المطلوبة مثل إكمال التسجيل في خدمة أو عمليات الشراء.
  • التوصية بالعلامة التجارية: يضفي تأثير Zeigarnik  تجربة إيجابية على خدمتك حيث وبالتأكيد يكمل المستخدمون المهام التي يجدونها جذابة وجيدة. ولذا يقترحون تطبيقك أو خدمتك على أصدقائهم وعائلاتهم مما قد يسهم في تعزيز تذكّر العلامة التجارية وولاء المستخدم.
  • رضا العملاء: لا يتلاعب تأثير زيجارنيك بالمستخدمين، بل يستخدم فقط رغبتهم الطبيعية في إنهاء المهمة التي يمكن أن تساهم في تجربة مستخدم أكثر إرضاءً. يمكن أن يؤدي استخدام هذا التأثير للتلاعب بالمستخدمين إلى تدهور ثقة العملاء وأعمالهم، لذا كن حذراً في كيفية ومكان استخدام تأثير Zeigarnik وحاول عدم استهداف الأطفال.

مثال على استخدام تأثير زيجارنيك في تصميم تجربة المستخدم

تستفيد منصات التعلم عبر الإنترنت مثل Coursera أو Udemy من تأثير Zeigarnik لإبقاء المستخدمين منخرطين ومتفاعلين مع المحتوى التعليمي بدون ملل وحثّهم على المتابعة. غالباً ما تقوم هذه المنصات بتقسيم الدورات التدريبية إلى وحدات أو دروس أصغر، مما يسهّل على المستخدمين تتبع تقدّمهم. بالإضافة إلى ذلك، تستخدم معظم منصات التعلم عبر الإنترنت أنظمة التلعيب، مثل الحصول على الشارات أو زيادة النقاط، لمكافأة تقدّم المستخدم وتشجيعه على المشاركة المستمرة.

تأثير زيجارنيك
استخدام تأثير زيجارنيك في تصميم تجربة المستخدم

يعد تأثير Zeigarnik أداة نفسية قوية لمصممي تجربة المستخدم. ومن خلال إدراك وتبنّي فكرة الميل البشري إلى التذكر والسعي لإنهاء المهام غير المكتملة، يمكن للمصممين إنشاء واجهات تحافظ على تفاعل المستخدمين وتحفيزهم. سواء كان ذلك من خلال أشرطة التقدم، أو مطالبات إكمال الملف الشخصي، أو الإشعارات غير المقروءة، فإن فهم تأثير Zeigarnik يمكن أن يعزز تجربة المستخدم بشكل كبير.

لمعرفة المزيد حول كيفية استخدام تأثير زيجارنيك (Zeigarnik Effect) للتأثير في تجربة المستخدم، احجز مقعداً في دوراتنا في UX Writing بالعربية.

الأسئلة الشائعة

متى نستخدم تأثير زيجارنيك في تصميم تجربة المستخدم؟

يُستخدم تأثير زيجارنيك في النماذج الطويلة والمهام التي يمكن أن تُترك غير مكتملة أو مكتملة بشكل جزئي وتقسّم إلى خطوات متعددة تبقي المستخدم مستمراً في التقدم والإنجاز بسبب تحفيزه لفعل ذلك.

ما هي تطبيقات Zeigarnik Effect في التصميم؟

هناك مجموعة واسعة من الأمثلة العملية التي توضح كيف يمكن لهذه النظرية النفسية أن تعزز بشكل كبير تفاعل المستخدم مع المنتجات والخدمات الرقمية. على سبيل المثال تطبيقات الإنتاجية وتطبيقات اللياقة البدنية ومنصات التجارة الإلكترونية وغيرها.

شارك المعرفة

دوراتنا المميزة

اختر الدورة المناسبة لأهدافك واحجز مقعدك الآن
الدورة التأسيسية في كتابة تجربة المستخدم
10 محاضرة . 17 ساعة
+ 100 خريج
الدورة المتقدمة في كتابة تجربة المستخدم
20 محاضرة . 40 ساعة
+ 100 خريج
الدورة التأسيسية في كتابة المحتوى
13 محاضرة . 25 ساعة
جديد
الدورة المتقدمة في أنظمة التصميم
24 محاضرة . 36 ساعة
جديد
ورشة عمل قريبا
دورات أخرى
ورشة عمل Design sprint
13 محاضرة . 25 ساعة
جديد