محتويات

التصميم عالم واسع من المعطيات وليس مجرد خطوط وألوان، التصميم يستند بكليته إلى أساسيات تجعله قابلاً للاستخدام. مهما كان مستوى الاحترافية يمكنك يومياً إضافة علم جديد وتطوير مهاراتك وأدواتك.

تحدثنا في الجزء الأول من مقال علم نفس التصميم أنه عالم واسع من الأبحاث والتجارب، حيث يستند على مجموعة كبيرة من العلوم. كما تحدثنا عن ماهية التصميم وأهدافه، وكيفية ارتباطه مع دراسة النفس الإنسانية. مع إمكانية استخدام علم النفس داخل التصاميم للحصول على أفضل النتائج، لاستقطاب أكبر عدد من العملاء.

حيث تطرقنا إلى محاور كثيرة من عمليات العقل الإنسانية، مع القدرة على ربط جميع هذه العناصر بالنفس البشرية واستخدامها للوصول إلى أفضل النتائج في التصميم.

كيف يؤثر علم النفس على التصميم؟ ?

جميع المنتجات اليوم مبنية على علم وتجارب لذلك هي ناجحة بشكل أكبر. لذا دعونا نتعرف على الجوانب النفسية المؤثرة بطريقة التصميم:

تحدثنا سابقاً عن العمليات الذهنية ومراحلها، سنكمل في هذا الجزء الجوانب النفسية التي تؤثر على طريقة التصميم.

 

  • العواطف:

يوجد فرق بين العواطف والمشاعر. العواطف هي رد فعل فيزيولوجية لا واعية (غير خاضعة للإدراك) تنعكس على الجسد مثل الخوف الذي يؤدي إلى زيادة عدد ضربات القلب والتعرق. نكتشفها من خلال تأثيرها على أجسامنا، حيث تلعب العواطف دور هام بعملية اتخاذ القرار.

هنالك 6 عواطف مشتركة تولد مع الإنسان:

(الانتباه، الخوف، الغضب، القرف، السعادة، الحزن).

 

الأشياء الأكثر جاذبية تلفت انتباهه والخوف يولّد الهروب والغضب عملية الهجوم والقرف فعل التجنب والسعادة تحفز الإقبال. وهكذا..

كما يمتلك عواطف مكتسبة مثل الفخر، والشعور بالذنب.

 

أما المشاعر فهي تخضع للوعي والإدراك.

 

كيف تنعكس العواطف على التصميم؟

 

إن وضعنا أمامك صورتين لتطبيقين مختلفين بدون ذكر التفاصيل أو معرفة بمعلومات التطبيق؛ ماذا تختار؟

علم نفس التصميم
أي الصورتين تختار؟

من خلال استفتاء أجريناه لمجموعة من الأشخاص جاءت معظم الإجابات باختيار الصورة على اليمين، هنا لعب الشكل دوراً بعملية الاختيار. حيث أعطانا شعور الثقة ودفعنا لاختيار التطبيق وتحريك العواطف التي ساهمت بعملية اتخاذ القرار. 

 

معظم المستخدمين يربطون جمالية التصميم بجمالية وفعالية المحتوى يدعى هذا التأثير بـ Aesthetic-Usability Effect إذ أننا غالباً سنختار وفقاً لانطباعنا الأولي بالرغم من وجود أدلة منطقية على أن القرار خاطئ يعود السبب أن العواطف لا واعية. لذا يجب علينا الاهتمام بجمالية التصميم.

 

  • السلوك والدوافع: هما عمليتان مترابطتان. هنا تختصر معادلة (Fogg) معظم النظريات. والتي مفادها (السلوك ينتج لسبب يوازيه القدرة على القيام بهذا السلوك. ودافع القيام بالسلوك يأتي بعدها التنبيه لعمل هذا السلوك). أي السلوك= القدرة+الدافع+التنبيه.

أي (إحساس الإنسان على أنه قادر على فعل الشيء يجعله متحفزاً لفعله “السلوك”، وعند التحفيز تتولد الرغبة ويصبح “الدافع” أكبر).

 

من أكثر الأمور التي تؤثر على القدرة على أداء سلوك معين هو وجود عائق (Friction) مهما كان بسيطاً، بالتالي لن يحصل السلوك. وعند إزالة العائق سنحصل على السلوك المراد منه القيام بالفعل.

 

يمكنك كمصمم تخفيف العبء الذهني عبر عدة أمور أهمها:

 

  • تجزيء المعلومات (chunking): عن طريق عدم زيادة العناصر وجعل عملية التذكر صعبة.
  • عرض المعلومة: أي إعطاء خيارات بدلاً من تذكرّها حتى لا يتسبب بـMemory Offloading.
  • تقليل عدد المعلومات: أي عدد الخطوات التي يجب القيام بها.

 

يمكننا أن نجزئ الخطوات من خلال قَانونَين. هما:

 

  • المستخدم مستعد لتغيير سلوكه من أجل اختصار بضع ثوانٍ، لذا من المهم تقليل عدد الخطوات قدر الإمكان.
  • قانون الثلاث نقرات. يجب الوصول إلى الهدف عبر الضغط ثلاث مرات أو أقل. هذا الخيار لا يفضل استخدامه دائماً، فالهدف هو الذي يحدد عدد النقرات، ولا يمكن أخذ هذا المعيار وتطبيقه بشكل دائم. فالأسرع ليس هو الأفضل دائماً.

بالنسبة للدكتورة الوهيبي تعتقد أن المعيار الأفضل لاختيار الخطوات هو العبء الذهني. ما دام الخطوات لا تستدعي بذل مجهود بالتفكير فلا مانع من زيادة عددها.

 

لذا يمكننا تقسيم طبيعة التفكير البشري إلى طريقتين هما:

 

  • الطريقة المنطقية: وهي الأعمال التي تحتاج إلى الوعي والاجتهاد وتأخذ وقت أكبر بعملية التفكير والتركيز.
  • الطريقة الأتوماتيكية: وهي تستند على الأعمال اليومية التي نقوم بها من دون تفكير. ولا نحتاج جهد التذكر ولا طاقة ذهنية، كما هي معرضة للأخطاء غالب الأحيان.

 

كلما جعلت منتجك أقرب للتفكير الأتوماتيكي كالأشياء المألوفة والمتوقعة أكثر يكون التعامل مع ما نقدمه أسهل، ونتائجه أفضل.

بعد التكلم عن طرق التفكير ننتقل إلى الدوافع التي تنطوي على عدد كبير من النظريات وأفضلها تلك التي تقسم الدوافع إلى:

أقسام الدوافع:

  • دوافع خارجية: هو القيام بالفعل من أجل هدف مختلف كالحصول على المال أو نقاط أو مكافآت أو للتميز ونيل الإعجاب.
  • دوافع داخلية: هو القيام بالفعل من أجل الفعل نفسه الذي يوفر للمستخدم المتعة والإتقان أو الإنجاز أو الاستقلال أو إشباع الفضول والشعور بالانتماء والتعاون مع الآخرين.
نظريات علم النفس
خريطة أهم النظريات في علم النفس وكيفية دراستها

تتعلق الدوافع بالتصميم من خلال التصميم المُقنِع (Presuasive Design) لسلوك معين. ويمكننا أن نعدد تلك الدوافع المتعلقة بالتصميم المُقنِع للمستخدم:

  • الندرة (Scarcity): أو الحصول على الأشياء النادرة بشكل أسرع من غيرهم وهنا أحياناً يغيب التفكير المنطقي. حيث يكون الدافع فقط هو الحصول على الأشياء. على سبيل المثال: عند الحجز في فندق مثلاً، قد يتم ذكر أنه تم الحجز من قبل 10 أشخاص وباقي فقط 5 غرف. هذا يولّد دافع الندرّة.

 

  • الامتثال الاجتماعي (Social Proof): وهذا المفهوم يتم تطبيقه بشكل واسع جداً، مثل المنتجات الأكثر مبيعاً على أمازون، الذي يقدم تحفيزاً أن المنتجات الأكثر مبيعاً مرغوبة لدى جميع الناس.

 

  • التعزيز الإيجابي (Positive Reinforcement):نوع آخر من الدوافع الهامة أو نظام المكافآت. نستطيع القيام بذلك من خلال ربط الفعل بالمكافأة وعند التكرار سيتكرر الفعل، من خلال تكرار الفعل يزداد هرمون السعادة.

 

فانتظار المكافآت أكثر من مرة هو ما تحفز شعور السعادة. التوقع الكامن وراء الانتظار هو سبب تلك السعادة.

 

شيء آخر وهو بمنتهى البساطة ولكنه يولّد نفس شعور السعادة. ألا وهو زر (اللايك) الذي يكون غالباً مستند على مكافآت متقطعة أو غير دائمة وفي هذه الحالة يسمى التعزيز الإيجابي المتقطع (Intermittent Positive Reinforcement).

عندما تكون المكافأة غير مؤكدة فإن التوقع أو الترقُّب يتضاعف وبالتالي يتضاعف هرمون السعادة.

عوامل أُخرى:

تجنب الخسارة (Loss Aversion): بشكل عام الإنسان يعطي قيمة للخسارة أكثر من الربح. لذلك صياغة الأشياء تؤثر إما بالسلب أو الإيجاب على استجابة الناس مثل الخصومات والعروضات.

أنت كمصمم عليك التركيز على كلمة خصم أو توفير ولا تركز على استراد المال أو أربح.

لأن الأشياء التي يحافظ عليها الإنسان لديها انعكاس عل مشاعره أفضل من الأشياء التي يمكن ربحها.

 

خطوات ومصادر للتعلم:

 

كيف نتعلم وكيف نبحث عن المعلومات مع الحفاظ على استمرارية عملية التعلم.

 

هناك 4 نصائح رئيسية:

 

تعلم… ثم ابحث… ثم تفّكر… ثم جرّب

 

يجب أن يكون التعلم في أوقات الفراغ، اقرأ وشاهد واسمع أي شيء في مجال علم النفس. وأول خطوات التعلم هي معرفة المصطلحات. كلما عرفت مصطلحات أكثر كان هذا لصالحك. مما يجعلك مؤهل للخطوة الثانية وهي عملية البحث وإيجاد المعلومة وفهمها.

 

هناك لغط بشأن علم النفس في التصميم بأنه علم صعب الوصول إليه ودمجه بالتصميم. لكن لابد من البدء برحلة التعلم والصبر أثناء هذه الرحلة الذي سيمهّد الطريق لكل ملتزم وتمكنه من دمج العلمين مع بعضهما. ثم التجريب والبحث قبل التطبيق.

 

“لنجاح التصاميم عليك أخذ وقت مستقطع للحصول على نتيجة رائعة في النهاية”

د. الوهيبي

 

“مجرد فهمك للمشكلة يولّد الحل تلقائياً”

د. الوهيبي

 

بعض المصادر لزيادة المعلومات:

 

  • المصطلحات: التي تهتم بالمجال.
  • أوراق بحثية: صحيح أنها تنطوي على بعض الصعوبات لكن يمكن اختيار أبسطها، حيث يمكنك اختيار الأوراق البحثية من نمط Systematic Review والتي تكون كملخّص لعدة نظريات.
  • الكتب: لأنها تربط الجانب النفسي مع التصميم. هنالك بعض الحيل لقراءة سريعة للكتب. منها: سماع الكتب- الملخصات- محاضرات للمؤلفين- اختيار أهم الأقسام من الفهرس.
  • دورات ومحاضرات: التي تعزز فهمك للمجال قبل البدء به. والذي توفره لك منصة تعلّم UX Writing بالعربية من خلال جلسات في المجال ومقالات تضم أهم المعلومات ومنشورات لزيادة الفائدة العلمية والأهم دورات متخصصة بالمجال.
  • البودكاست.

 

سر النجاح والفشل هو علم النفس

د. عبد العزيز السعيّد

 

استلهمنا مقالنا هذا من إحدى جلسات المنصة بعنوان علم نفس التصميم (Design Psychology). استضفنا فيها د. منيرة الوهيبي دكتوراه في علم المعرفة/ بكالوريوس نظم المعلومات “تفاعل الإنسان والآلة”. ومُحاورها أ. محمود عبدربه مؤسس منصّة تعلّم كتابة تجربة المستخدم بالعربية.

 

بإمكانكم الاشتراك بقناة اليوتيوب للإطلاع على كل الجلسات الجديدة.

 

نمّي مهاراتك وطوّر مسارك المهني بدورات مقدمّة من خبراء

الدورة التأسيسية في كتابة تجربة المستخدم

ابدأ في تعلّم أساسيات كتابة تجربة المستخدم، وتأهل لتصبح كاتب تجربة مستخدم في سوق العمل.

الدورة المتقدّمة في كتابة تجربة المستخدم

احترف كتابة تجربة المستخدم وتصميم المحتوى، وانضم إلى نخبة من المميزين في سوق العمل.