الخرّيج عبد الرحمن يروي قصة نجاحه: “لم أتوقّف عند محطّة معينة ولن أتوقف..”
في أعماق كلّ إنسان تكمن طاقة هائلة تنتظر أن يُطلق العنان لها. شرارة من الشغف، وقودها الإصرار، ومسارها المثابرة. قصة اليوم حكاية رحلة بدأت بحلم، وانتهت بإنجازات وليس إنجاز واحد.
بين هذه الأسطر سنغوص معاً في تفاصيل حياة المصمم عبد الرحمن الذي لم يستسلم أمام أي عقبة واجهته بل جعل من التحديات سلّماً يرتقي به نحو القمة. سنشهد معاً كيف تحولّت أحلامه إلى واقع وكيف أن الأحلام لا تنتهي بتحقيقها بل تستمر باستمرار وجودنا.
مرحباً بك! عرّفني عن نفسك؟ وما هو مجال عملك؟
اسمي عبدالرحمن محمد أحمد، من مصر. أعمل مصمم تجربة مستخدم ومصمم منتجات رقمية.
بدايةً، كيف تعرّفت على مجال كتابة تجربة المستخدم؟
في الحقيقة بدأ الأمر مع تخرّجي من كليّة الحاسبات والذكاء الاصطناعي – جامعة القاهرة، قسم نظم المعلومات، حيث كان مجال دراستي محصوراً تقريباً بالبرمجة وأقرب إلى البيانات وقواعد البيانات (Data & Database).
كمجال عمل، فكرت في بدء العمل كـ محلل بيانات (Data Analyst) لأنني كنت مولعاً بالأرقام، وكانت فكرة تصميم داشبورد بسيط باستخدام أدوات مثل Power BI أو Tableau يمكنها عرض معلومات مهمة عن الأعمال، هو طموحٌ عظيم بالنسبة لي.
بدأت بالفعل بالتعلّم والتبحّر في الموضوع، ومع مرور الوقت، اضطررت إلى الاطلاع واستقاء بعض المعلومات عن الفرونت إند (الواجهات الأمامية)؛ حيث احتجت لذلك كي أعمل على مشروعي الجامعي.
ومن هنا، تعرّفت على مجال UX، وأعجبني جداً. بدأت البحث عن طرق وإرشادات لدراسة هذا المجال خاصةً أنني كنت مولعاً بالتصميم وفكرة التواصل مع الناس.
يعني هل تخبرنا أنّ الشّغف كان دافعك الأساسي في محطّات مسيرتك الناجحة؟
بالتأكيد! ستلاحظون أن مسيرتي المهنية مترافقة مع رحلة تعلّمي الجامعية وفكرة التعلم من خلال العمل. لأكمل لكم…
تعلّمت فيما بعد الفرونت إند لكن لم يكن هدفي آنذاك أن أصبح مطوراً (Developer) بقدر أن أتعلّم التعامل مع المطوّرين. وفي تلك الفترة، كان القدر حليفي حيث التحقت بمنحة Udacity لدراسة مجال تصميم تجربة المستخدم (UX Design) وهذه كانت بدايتي الحقيقية أعتقد.
واجهتُ تحدياتٍ كبيرة في مجال تصميم تجربة المستخدم؛ كقلّة الدورات المتاحة باللغة العربية أو اختلاف المصطلحات وتعقيدها وعدم وجود مرجع أساسي عربي لها. وهنا لجأت إلى المحتوى الإنجليزي وكنت أذاكر وأطبّق ما أتعلّمه.
حاولتُ في البداية محاكاة تصميمات مصممة بالفعل، بحيث أقلّد شكل التصميم الجاهز ثم أعدّل على تصميمي وأضيف لمساتي الخاصة، وأنتجتُ بالفعل مشاريع خاصة بيّ. وهنا بدأت العمل على مشاريع فريلانس ثم عملتُ في وكالة سعودية في مصر.
كل ذلك وكنت لا أزال طالباً في الجامعة. وأكرر أن دراستي للبرمجة دعمتني جداً في التواصل مع المطورين وتسهيل التصميم. تنقّلت كثيراً في مجالات العمل حتى وصلت لمنصبي الحالي كمصمم تجربة المستخدم في Software House دنماركية في مصر.
دعمت نفسي خلال رحلتي هذه بكثيرٍ من الكورسات التعليمية وإليكم هي:
- Advanced Web Accessibility Guidelines – Udacity
- Google UX Design Professional Certificate
- Meta Principles of UX/UI Design
- Advanced UX Research Nanodegree – Udacity
- Advanced Front End Development Nanodegree – Udacity
مع الوقت، شعرتُ أنني أميل كثيراً إلى مجال التصميم وأريد أن أعرف عنه أكثر، بل أعمق وبشكلٍ خاص تصميم تجربة المستخدم، وبدأت أركز أكثر على تحسين تجربة المستخدم وقد كان ذلك دافعاً أساسياً لدخولي المجال والتسجيل في الدورة المتقدّمة في أنظمة التصميم (Design systems Advanced Course) والتي يمكنني ضمّها بفخر إلى الدورات السابقة التي ذكرتُها لكم.
وما الذي شجّعك على التسجيل في الدورة المتقدمة في أنظمة التصميم؟
سجّلت أخيراً في الدورة المتقدّمة في أنظمة التصميم وتعريف بنظام التصميم الموحد للجهات الحكومية بالسعودية. وفي الحقيقة كان المشجّع الأساسي لدخولي الدورة هو المهندس حسن جاد؛ مدرّب الدورة.
بالنسبة لمعرفتي بالمهندس حسن فقد كانت بالصّدفة البحتة. حيث كما تعرفون بدأ أستاذ حسن مشروعه الخاص بتجربة المستخدم وهو مجتمع فيجماوية (Figmawya) والقسم المميز الذي شدّني فيه وهو البودكاست.
حيث عندما علمت أنهم يهتمون بصناعة البودكاست في فيجماوية، تحمسّت جداً وقررت المشاركة. خاصّة وأن هوايتي المفضلة هي الكتابة، ولأكون أكثر دقّة؛ كتابة نصوص الفيديوهات (Script Writing) وكنت نهماً لسماع البودكاست دائماً.
قدّمت بالفعل ودخلت الفريق وشاركتهم العمل، وصرتُ مسؤولاً عن البودكاست في فيجماوية. هذه التجربة بالذات قد أثرَتني حقّاً، سواء من خبرات أ.حسن والفريق أو من خلال العمل والتحضيرات التي جعلتني أتعلم أكثر وأقرأ عن مواضيع مجال UX Design.
أسلوب المهندس حسن كمدير عمل كان واضحاً ومميزاً جداً في تقديم المعلومات، فما بالكم كمدرّب لدورة تصميم؟!. هذا ما جعلني لا أفكّر كثيراً قبل التسجيل في الدورة المتقدّمة في أنظمة التصميم. ولا أخفيكم سراً فقد كنت متحمّساً للتعرّف على نظام التصميم السعودي أكثر وفهم خفايا نظم التصميم الموحدة بشكلِ أعمق.
هل كان هناك تطبيقات عملية فعليّة خلال رحلة تعلّمك في الدورة؟
أكيد! من أجمل اللحظات في الدورة كانت التطبيقات العملية على ما نتعلّمه. تعرّفنا على أكثر من شكل للديزاين سيستم. وكان هناك وقت مخصّص في كل جلسة لتطبيق ما تعلّمناه بشكل عملي. وأحياناً لمزيد من التركيز والتفكير في مخرجات الجلسة، يُملي علينا الأستاذ حسن واجب لنطبّق فردياً ونتأكد من أننا فَهِمْنا بالفعل.
في إحدى الجلسات طلب منا الأستاذ أن نعمل على صفحة هبوط خاصة بموقع ونحاول محاكاة نظام التصميم الوطني السعودي (DGA) وكأننا موظفون بالفعل في هيئة حكومية ونعمل على مشروع Design System حكومي. استمتعنا كثيراً وشعرنا بأننا مسؤولون عن العمل بالفعل.
ما كان يجذبني خلال الجلسات هو أنه حتى لو كانت المعلومة معروفة بالنسبة لنا أو قد علّمنا ياها الأستاذ من قبل، فأحياناً يُعيد ذكرها وتطبيقها من جديد ولكن بآلية مختلفة؛ ربما من خلال أداة مختلفة أو بطريقة أخرى وذلك ليُصبح لدينا المعرفة الكاملة حول الموضوع الذي نتعلّمه.
ما هي خططك المستقبلية بعد ما انتهيت من دورة التصميم؟
تخرّجتُ من الدورة وأنا محمّل بمعلوماتٍ لا يسعني الآن التفكير في مدى أهميتها وحتى طريقة الاستفادة منها. في الحقيقة أفكّر بكثيرٍ من المشاريع: أريد أن يكون لديّ جزء خاص بالبورتفوليو لعرض مشاريع Design Systems باللغة العربية لأن أنظمة التصميم وUI Kits الموجودة باللغة العربية قليلة جداً. فكّرتُ أن تطبيق ذلك ولو احتاج وقتاً، سيكون أفضل استفادة مما تعلّمته في الدورة.
وفي الحقيقة لقد اقترحت ذلك على المهندس حسن؛ أقصد فكرة الخروج بـ UI Kit تتضمّن الأساسيات التي قد يحتاجها أي مصمم، وسأنشرها على فيغما باللغة العربية. كي تسهّل عملية التصميم على أي مصمم. حيث أن أغلب المصممين يجدون صعوبة في التصميم على فيغما لأن كل الواجهة باللغة الإنجليزية وأغلب الإعدادات أيضاً، فالموضوع صعب بالنسبة للبعض.
وأخيراً، أفكّر أيضاً في التعمّق أكثر في مجال أنظمة التصميم وأكتب عنه وعن أسسه والمبادئ النظريّة الخاصة به. قد يتطوّر الأمر وأكتب دراسات حالة (Case Studies) في هذا المجال.
صديقُنا عبد الرحمن.. هل لنا بكلمة أخيرة منك لقارئ قصّة نجاحك هذه؟
أكيد..
“أنا دايماً مؤمن إن الخطوة الصغيرة تفرق، حتى لو الحلم باين صعب أو مستحيل. كل إنجاز كبير بدأ بخطوة بسيطة، والمهم إنك تفضل ماشي. الرحلة ممكن تكون طويلة، بس لو ما استمتعتش بكل خطوة فيها، هتحسّ بالملل قبل ما توصل. خليك مستمتع، وخليك مستمر، لأن الفرق الكبير بيبدأ من لحظة قرار إنك تتحرك، حتى لو كان بخطوة واحدة.”
شكراً جزيلاً لكَ عبد الرحمن ونتمنّى لك مسيرة مهنيّة مليئة بالنجاحات.
لمتابعة عبد الرحمن أو مراسلته: