هل سبق لك الشعور بأنك تائه في دليل استخدام مُعقّد؟ أو شعرت بالإحباط من التعامل مع تطبيق معيّن وتمنيت لو كان هناك دليل مختصر أو بصري مفهوم لمساعدتك؟ هنا يأتي دور الكتابة التقنية (Technical Writing)؛ فنّ تحويل التعقيد إلى بساطة، ومساعدة المستخدم على فهم أي منتج أو خدمة دون عناء.
في هذا المقال، سنتعرّف إلى الكتابة التقنية ودورها في أدلة الاستخدام والكتيّبات كجزء أساسي في أي منتج أو خدمة جديدة.
ما هي الكتابة التقنية (Technical Writing)؟
الكتابة التقنية (Technical Writing) هي فن كتابة محتوى واضح، دقيق، وموجز. كتابة مواد تعليمية تسهّل على غير المتخصّصين استخدام منتج أو خدمة أو أداة عبر أدلة وإرشادات منظمة، ويختلف طولها أو مدى تعمّقها في خصائص المنتج أو الخدمة بحسب نوعها، على سبيل المثال؛ هناك دليل المستخدم، ودليل البدء السريع، وكتيّبات المواصفات.
لنتكلم بشيء من التفصيل عن الأشكال الثلاثة السابقة للكتابة التقنية.
اقرأ أيضاً: أشهر 10 أنواع كتابة المحتوى يجب عليك معرفتها قبل دخول المجال
أشكال مستندات الكتابة التقنية (Technical Writing)
- دليل المستخدم (User Manual): مرجع شامل قد يمتد لعشرات أو مئات الصفحات، يغطي خصائص المنتج، ميزاته كافة، وأحياناً الاستكشاف المتقدّم للميزات وطريقة الصيانة، وهو دليل مُرفق مع أي أداة نستخدمها.
- دليل البدء السريع (Quick Start Guide): مستند بسيط وموجز، يُمكن القول إنه نسخة مصغّرة عن دليل المستخدم، مُصمّم لمساعدة المستخدم في بدء استخدام خدمة أو منتج لأول مرة بأقل جهد دون وجود معرفة سابقة. يمكن القول إنه مختصر بصري (عادةً 1 – 3 صفحات) يسمح بتشغيل المنتج سريعاً أو إنجاز مهمة أولية محدّدة. قد يُنتَج كوثيقة مستقلة لميزة جديدة في المُنتج.
- كتيب المواصفات/المزايا: كتيّب من عشرات أو مئات الصفحات تشمل مواصفات المنتجات التي يتم إنتاجها للمستخدم، يُعرض عند طرح المنتجات والخدمات.
الأهمية: لماذا نحتاج دليل المستخدم ودليل البدء السريع؟
3 أسباب رئيسية تجعل دليل المستخدم ودليل البدء السريع من الأولويات عند إطلاق منتج أو خدمة:
- مساعدة المستخدم في التعرف إلى المنتج/الخدمة.
- تقديم خطوات التشغيل أو البدء لاستخدام المنتج.
- دعم مهام محددة أو ميزات جديدة عند إطلاقها.
4 اختلافات جوهرية بين دليل المستخدم ودليل البدء السريع
- المدى والتفاصيل: دليل المستخدم شامل وعميق ويتكلم عن المنتج بالكامل، بينما دليل البدء السريع موجّه ومحدود.
- الغرَض: دليل المستخدم لفهم المنتج بالكامل، ودليل البدء السريع لتشغيل أوليٍ سريع وإنجاز مهمة تمهيدية.
- التنسيق: دليل المستخدم يحتمل السرد المفصّل، بينما يعتمد دليل البدء السريع بصرياً على خطوات قصيرة.
- الجمهور: الدليل الشامل يخاطب جميع شرائح المستخدمين من جميع مستويات الفهم، أما دليل البدء السريع يركّز على المستخدم الجديد الذي يريد المعلومة جاهزة.
ولكن بكل الأحوال، يُوصى بأن يستند دليل البدء السريع إلى دليل المستخدم دائماً لضمان الاتساق وتجنّب اللّبس، ولكن ألا يحلّ محله.
كيف تُنتج دليل البدء السريع عملياً؟
بعدما تعرّفت تفصيلياً إلى الكتابة التقنية (Technical Writing) وأهم أشكالها والفروق بينها، كيف يمكنك استخراج دليل بدء سريع من دليل المستخدم؟
1. التنقيب (Mining) في دليل المستخدم
نبدأ بتجميع المعلومات التي تهم المستخدم عند تشغيل المنتج لأول مرة، وذلك من خلال اتباع الخطوات:
- ابدأ بجدول المحتويات لتحديد 4 – 6 موضوعات مرتبطة بـ “أول استخدام”.
- أزل التكرار بين الأقسام (مثل إعداد الحساب المذكور في أكثر من موضع).
- أعِد ترتيب الموضوعات وفق تسلسل تجربة المستخدم الفعلي (تسجيل الدخول ← الاتصال ← تنفيذ المهمة…).
2. تحديد الغرض من الدليل باستخدام تقنية “العنوان + البيان (Title + Statement)”
بما معناه؛ توضيح النتيجة للمستخدم من خلال العنوان والبيان أسفله:
- العنوان: يعلن بوضوح موضوع الدليل، مثل: دليل البدء السريع لمنصة XXX.
- البيان التوضيحي: يوضع أسفل العنوان ويحدد:
- ما الذي سيحصل عليه المستخدم.
- الجمهور المستفيد.
- نوع الإرشادات/النتيجة المتوقعة.
مثال:
كما نلاحظ، يوضح البيان أنه موجّه لطلاب المدارس السعودية، ويبيّن ما الذي سيفعلونه داخل المنصة (الاطلاع على الجداول والمهام والتواصل…).
أسلوب الكتابة التقنية (Technical Writing) داخل أدلة البدء السريع: أفضل الممارسات
- خاطِب المستخدم مباشرةً (أنت/جهازك/حسابك).
- استخدم فعل الأمر لتوجيه المستخدم (اضغط/اكتب/افتح).
- استخدم فعل المضارع لتزامن الخطوة مع تنفيذها: (تظهر الشاشة… تختفي الرسالة…).
- اتبِع نبرة إنسانية لبقة ومهذبة (رجاءً/من فضلك عند الحاجة…).
- اكتب عناوين واضحة قائمة على أفعال وكلمات إرشادية (كيفية…/طريقة…). وضّح الفكرة كاملة وتجنّب العناوين الناقصة (بعد تسجيل الدخول…).
أنواع أدلة الاستخدام للخدمات والمنتجات
لا يمكن أن تشترك الخدمات والمنتجات في الأدلة، وبالتأكيد إن لكل خدمة دليل معين، لكن يمكن تصنيف الأدلة إلى نوعين رئيسيين:
- دليل إجرائي (Procedural): يجيب عن سؤال “كيف؟” مثل “كيف يمكن تشغيل جهاز…؟”، ويقدم إرشادات تفصيلية لكيفية إتمام مهمة محددة عبر خطوات مرقّمة واضحة.
- دليل مفاهيمي (Conceptual): يجيب عن سؤال “ماذا/لماذا؟” وهو مصمم لشرح فكرة أو ميزة أو نموذج عمل ويوضح الأفكار والمبادئ والمفاهيم دون خطوات تنفيذية محددة لاتباعها.
العناصر المرئية: جزء مهم من نص الدليل
حتى نخرج بدليل مميز ومعتمد، هناك جزء مهم جداً يجب أن يتوافر داخله، وهو العناصر المرئية (الصور)، التي تشرح بسهولة كيف يمكن فعل الأشياء.
لذا لا بدّ من الدمج الذكي للصور أو المخططات الانسيابية مع المحتوى الكتابي لتسريع الفهم، خاصةً عندما تكون الخطوات كثيرة. على سبيل المثال: تجميع أجزاء قطعة أثاث على طريقة (IKEA).
الهدف الأساسي من العناصر المرئية هو تقليل المسح البصري المُرهِق لمئة صفحة، واستبداله بعناصر توجه العين مباشرةً إلى الخطوة أو الجزء المقصود.
كتابة تجربة المستخدم vs الكتابة التقنية: أين يلتقيان وأين يفترقان؟
من تعريف الكتابة التقنية (Technical Writing) وأشكالها، قد نلاحظ أن هناك نقاط ارتباط بين الكتابة التقنية وكتابة تجربة المستخدم، فما مدى تشابههما؟
- الكتابة التقنية (Technical Writing): كما سلف وذكرنا، هي شكل من أشكال الكتابة يتضمن إنشاء وثائق واضحة وموجزة ومنظمة تساعد المستخدمين والمستهلكين على فهم واستخدام منتج أو نظام أو خدمة. تركز الكتابة التقنية على ترجمة المعلومات التقنية المعقدة إلى محتوى مبسّط لجمهور محدد. تشرح ببساطة “كيف تعمل الأشياء” و”كيف تُنجز مهمةً ما” خارج الواجهة نفسها.
- كتابة تجربة المستخدم (UX Writing): صياغة نصوص الواجهات التي تظهر على واجهة المستخدم؛ أي تلك الشاشات التي تظهر للمستخدم على المنتجات الرقمية، كل ما هو مكتوب عليها هو كتابة تجربة المستخدم، والهدف منها مساعدة المستخدم على الوصول إلى هدفه. أهم أمثلة كتابة تجربة المستخدم: شاشات التأهيل (Onboarding) ورسائل الخطأ (Error Messages)، النماذج (Forms).. كلها توجّه تفاعل المستخدم لحظة بلحظة داخل المنتج الرقمي.
اقرأ أيضاً: ما هي كتابة تجربة المستخدم UX Writing
إذن، إنّ المجالَين يشتركان بعدة نقاط:
- الإيجاز والوضوح.
- التركيز على احتياج المستخدم والهدف من المهمة.
- التعاون بين الفِرق المختلفة (الكاتب/المصمم/المنتج/الأبحاث) لتحسين التجربة.
- اتساق لغة الكتابة والصوت والنبرة والأسلوب.
- امتلاك مهارات كتابة وتحرير قوية.
- التعاطف مع جميع المستخدمين.
- الاهتمام بهيكلة المعلومات أو معمارية المعلومات (IA) وتنظيمها لسهولة الوصول إليها.
أما عن الفروقات بين المجالَين، فتتركز بالتفاصيل، مثل إظهار بعض المهارات المتخصصة، والأدوات المساعدة في كل منهما، وأهم اختلاف ينبغي ذكره هو سياق الاستخدام، فمثلاً، تركّز كتابة تجربة المستخدم على التفاعل داخل الواجهة، بينما تفصّل الكتابة التقنية النظام والميزات والإجراءات للخدمة أو المنتج في مراجع منظّمة.
بالتالي، إن الكتابة التقنية وكتابة تجربة المستخدم يتشاركان الهدف: تمكين المستخدم. الأولى تقدّم مرجعاً وهيكلاً لفهم الأنظمة وإنجاز المهام، والثانية تُبسّط الطريق داخل الواجهة. حين يتكاملان مع اتساقٍ في الصوت والنبرة وهيكلةٍ جيدة للمعلومات، وتمكينٍ بصريٍ ذكي، تصبح التجربة أسهل وأسرع وأكثر ثقة.
للمزيد من التفاصيل حول الفروقات وأمثلة واقعية، شاهد الجلسة من هنا.
الأسئلة الشائعة
ما هي الكتابة التقنية ومثال عليها؟
الكتابة التقنية شكل من أشكال التواصل تركز على نقل المعلومات المعقدة بطريقة واضحة ودقيقة وسهلة الوصول لجمهور محدد. يُعد دليل المستخدم مثالاً مميزاً على الكتابة التقنية، على سبيل المثال: يُطلع دليل الاستخدام للسيارة مالِكها على أنظمة السيارة، ومتطلبات صيانتها، وتحذيراتها من سوء استخدامها.
ما هي لغة الكتابة التقنية؟
اللغة الواضحة والموجزة: تعرض الحقائق بطريقة مباشرة وتستخدم مصطلحات محددة لوصف الأشياء والعمليات بدقة. كما أنها سهلة الفهم حيث يستخدم الكُتّاب التقنيون كلمات بسيطة ومفهومة، ويتجنبون المصطلحات المعقدة.
استلهمنا مقالنا هذا من إحدى جلسات المنصة بعنوان “الكتابة التقنية (Technical Writing)”. استضفنا فيها الخبيرة: أ. ملك يوسف؛ UX Localization Specialist، ومحاورها أ. محمود عبدربه؛ مؤسس منصّة تعلّم كتابة تجربة المستخدم بالعربية. يمكنكم مشاهدة جميع الجلسات على قناتنا على يوتيوب.