هل لاحظت يومًا كيف أن بعض التطبيقات والمواقع تبدو وكأنها “تفهمك”؟ تنقلك من صفحة لأخرى بسلاسة، وتُشعرك أنك في نفس المكان حتى لو تغيّر الجهاز؟ هذا ليس صدفة، بل نتيجة لشيء يُسمى “أنظمة التصميم”. نظام يجمع المصممين والمطورين حول نفس اللغة البصرية، ويساعدهم في بناء تجربة متكاملة، مرتّبة، وسهلة الاستخدام. في جلسة ممتعة ومليئة بالتجارب الواقعية، تم الحديث عن كيف تُبنى هذه الأنظمة، ولماذا أصبحت من أهم الأساسيات لأي فريق تصميم ناجح.
ذي صلة: ما الفرق بين أنظمة التصميم وتصميم الأنظمة (Design Systems and Systems Design)؟
التصميم الموحد… تجربة أوضح وعمل أسهل
يمكننا الإشارة أن التصميم الموحد ليس مجرد تنسيق ألوان أو ترتيب أزرار. بل يعتبر طريقة ذكية لبناء تجربة متكاملة للمستخدم، مهما اختلفت الأجهزة أو تغيرت المنصات. تخيّل أنك تستخدم تطبيقًا على هاتفك، ثم تفتحه على الحاسوب وتجده مختلفًا تمامًا. هذا ما يُحاول التصميم الموحد حله: أن يجعل كل شيء يبدو مألوفًا ومنسجمًا.
لكن، الحفاظ على هذه الهوية البصرية بين الخدمات المختلفة ليس سهلًا. يتطلب تنسيقًا عاليًا بين فرق التصميم، التطوير، والإدارة. كل قرار بصري يجب أن يُفهم ويُطبّق بنفس الطريقة في كل مكان.
ذي صلة: كود المنصات: نظام التصميم الموحد في السعودية وأهميته لتجربة المستخدم
التصميم ليس عملًا فرديًا… التعاون هو الأساس
لكي ينجح أي نظام تصميم، لا يكفي أن يكون رائعًا من الناحية الجمالية، بل يجب أن يكون قابلًا للتطبيق، ويشترك الجميع في صناعته. لهذا السبب، التعاون بين المصممين والمطورين مهم جدًا. وجود لغة بصرية واضحة يُسهل على الفرق المختلفة فهم بعضهم البعض، ويقلّل الأخطاء، ويُسرّع الإنجاز.
أنظمة التصميم الجيدة تُسهّل تحديث الهوية البصرية، وتُوفّر أدوات مثل القوالب والمكونات الجاهزة، مما يجعل العمل أكثر تنظيمًا وكفاءة. هذا لا يعني أن الإبداع يُقيد، بل على العكس، يُوجّه بشكل ذكي ومنظّم.
أنظمة التصميم والابتكار في المشاريع الحديثة
أحد الأمثلة الملهمة لأنظمة التصميم العمل مع شركات سيارات كهربائية مثل “لوسيد” و”تسلا”. تصميم الأنظمة لهذه المشاريع يتطلب فهمًا عميقًا للتكنولوجيا الحديثة، وابتكارًا في ربط التجربة الرقمية مع تجربة المنتج الحقيقي.
في هذه المشاريع، لا يُصمم المصمم صفحة فقط، بل يُنشئ نظامًا متكاملًا يربط بين التطبيقات، الدعم الفني، ومراكز الخدمة. هذا النوع من العمل يُعد فرصة ممتازة للمصممين الذين يريدون التميز، لأنه يجمع بين الإبداع، التقنية، والتخطيط الاستراتيجي.
من التأسيس إلى الاحتراف: رحلة المصمم الذكي
ليكون المصمم مؤهلًا للعمل في هذا النوع من المشاريع، من المهم أن يمر بمراحل تعلم مدروسة. تبدأ بالدورات التأسيسية لفهم المبادئ، ثم الدورات المتقدمة لفهم العمق الحقيقي للعمل.
الدورات المتقدمة تساعد في تطوير مهارات التواصل، الإقناع، واتخاذ القرار، وهي مهارات ضرورية عند التعامل مع فرق متعددة والإدارة العليا.
التدريبات التفاعلية التي تمزج بين النظرية والتطبيق تُعد من أنجح الطرق في هذا المجال، لأنها تُحاكي الواقع وتُعلّم المصمم كيف يتصرف في مواقف معقدة.
أدوات ومكونات… لبناء نظام تصميم ذكي
من الجوانب المهمة الأدوات المستخدمة في بناء الأنظمة، مثل Figma، التي تُستخدم لتصميم وإنشاء المكونات بطريقة مرئية وتشاركية.
كما أن منهجية التصميم الذري، هي طريقة لتقسيم كل جزء من التصميم إلى عناصر صغيرة (زر، عنوان، أيقونة…) ثم تجميعها لبناء نظام متكامل سهل الصيانة.
أيضًا، أهمية سهولة الوصول (Accessibility)، خصوصًا لمستخدمي الهواتف. استخدام أدوات مثل “الفايبريشن” في التصميم يُحسن من تجربة المستخدم ويجعلها أكثر شمولًا.
الاستدامة والذكاء الاصطناعي… مستقبل أنظمة التصميم
أنظمة التصميم ليست مجرد مشروع يُبنى ثم يُنسى. بل يجب أن تكون قابلة للتحديث، قادرة على التكيف مع التغييرات، وتستخدم تقنيات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي لتطوير نفسها.
مثل شركة IBM، التي طوّرت نظامًا تصميميًا يتميز بالمرونة والجودة، ويُستخدم بنجاح في مختلف المنتجات والخدمات، بفضل قابليته للتوسع وسهولة صيانته.
مثال تصميم لأنظمة متكاملة
مثل نظام تصميم متكامل لشركة “تسلا”، يشمل الهوية البصرية، التطبيقات، الدعم الفني، وتوحيد كل المكونات تحت نظام تصميم واحد.
المشروع يُظهر كيف أن العمل في هذا المجال يتطلب نظرة شاملة، قدرة على التنسيق، وفهم عميق لكيفية بناء أنظمة تخدم المستخدم وتدعم أهداف الشركة.
في الختام
أنظمة التصميم لم تعد خيارًا إضافيًا، بل أصبحت جزءًا أساسيًا من بناء أي منتج رقمي ناجح. هي اللغة المشتركة بين الإبداع والتنفيذ، بين المصمم والمطوّر، وبين العلامة التجارية والمستخدم.
هذا المقال المستوحى من الجلسة، التي قدّمها المتخصص في أنظمة التصميم أ. حسن جاد، كانت دليلًا واقعيًا على أهمية هذا المجال، وأظهرت كيف يمكن لأنظمة التصميم أن تُحدث فرقًا حقيقيًا في كل تجربة رقمية نعيشها.
إذا كنت مصممًا طموحًا، فربما حان وقتك لتبدأ رحلتك في عالم أنظمة التصميم.
لمشاهدة الجلسة عبر الرابط في الأسفل