استراتيجية المحتوى | كيف تبني حضورًا رقميًا قويًا يحقق أهدافك

مقدمة

تهدف استراتيجية المحتوى إلى مزامنة أهداف العمل مع توقعات الجمهور من خلال محتوى رقمي يوفي بالغرض منه. تكمن فعالية المحتوى المستخدم في التقاطع بين ثلاثة عناصر رئيسية: المؤسسة (أو أنت)، والجمهور، والمحتوى نفسه. إذا غابت أيٌّ من هذه العناصر، فمن المؤكد أن النتائج ستكون سلبية. نستعرض فيما يلي بعض الأمثلة التوضيحية على كيفية ضياع جهود إنشاء المحتوى عند تجاهل أيٍّ من هذه العناصر الثلاثة:

 

 

تهدف استراتيجية المحتوى إلى مزامنة أهداف العمل مع توقعات الجمهور
تهدف استراتيجية المحتوى إلى مزامنة أهداف العمل مع توقعات الجمهور
  • أنت + جمهورك + المحتوى
    قد تطرح في موقعك ملفات PDF ضخمة تتجاوز 1500 صفحة للتنزيل. ولكن على الأرجح، فإنَّ جمهورك لا يرغب في تحميل هذه الملفات وتحميلها للمطالعة.
  • أنت + جمهورك + المحتوى
    يمكن أن يكون في الإمكان إنتاج فيلم روائي طويل يشارك فيه نجوم الأوسكار لهذا العام لإيصال رسالتك. قد يرغب جمهورك في مشاهدة مثل هذا الفيلم، لكن الميزانية والموارد قد لا تسمح بذلك.
  • أنت + جمهورك + المحتوى
    قد تملك القدرة على إنتاج مقاطع فيديو عن القطط، وجمهورك ربما يحب المزيد من هذه الفيديوهات، لكن هذه المقاطع لن تساعد في تحقيق أهداف عملك، على الأرجح.

ولتجنُّب مثل هذه الإشكاليات في إعداد المحتوى، يجب أن نفهم بوضوح دور كل عنصر من هذه العناصر الثلاثة:

  1. المؤسسة (أو أنت)
  2. الجمهور
  3. المحتوى

١. المؤسسة / أنت

“أنت” هنا تشير إلى الجهة التي تحتاج إلى التواصل مع جمهورها عبر المنصات الرقمية
“أنت” هنا تشير إلى الجهة التي تحتاج إلى التواصل مع جمهورها عبر المنصات الرقمية

أولاً، لا يمكن إعداد محتوى جيّد دون معرفة واضحة بالكيان المسؤول عن هذا المحتوى. “أنت” هنا تشير إلى الجهة التي تحتاج إلى التواصل مع جمهورها عبر المنصات الرقمية؛ فقد تكون جهة عملك إذا كنتَ جزءًا من فريق داخلي، أو عملاءك إذا كنتَ مستشارًا أو تعمل في وكالة، أو قد تشير إلى نفسك كفرد لديه موقع أو حضور رقمي. يجب الإجابة عن سؤال “من أنت؟” بوضوح تام؛ فهذا يساعد على توجيه جهود التواصل بشكلٍ أكثر تركيزًا.

١.١ التعريف بالهوية

عند تحديد هويتك، ينبغي الإجابة عن الأسئلة التالية وتوثيقها كتابيًّا:

  • ما الأنشطة التي تقوم بها؟ ولماذا تقوم بها؟
  • ما خلفيتك وتاريخك المهني أو المؤسسي؟
  • كيف يراك الآخرون؟ وكيف ترى نفسك؟
  • ما الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها من خلال محتواك الرقمي؟

يحسِّن فهم الجوانب السابقة وضوح الرسالة المطلوبة، ويساعد في الحفاظ على اتساق التواصل. ومن ثم يجب النظر إلى الهوية في سياق البيئة الأوسع، بما في ذلك المنافسون والكيانات ذات الصلة.

١.2 البيئة التنافسية والبيئة المحيطة

من الضروري معرفة:

  • من هم المنافسون؟ وهل هم على المستوى المحلي أو الإقليمي أو العالمي؟
  • كيف ينظر المنافسون إلى أنفسهم؟ وكيف ينظرون إليك؟
  • هل هناك جهات أخرى ذات أهداف مشابهة لا تتنافس مباشرة معك، لكنها تستحوذ على اهتمام جزء من جمهورك؟

هذا الفهم يساعد على تحديد موقعك التنافسي ويُظهر لك المساحات أو الفرص التي يمكنك استغلالها.

١.٣ الأنشطة الحالية والتقييم المستمر

بعد توضيح الهوية وتحديد المنافسة، يجب تقييم الوضع الحالي:

  • كيف تتواصل الآن مع العالم الرقمي (الموقع، ومدونات، وقنوات التواصل الاجتماعي، وغيرها)؟
  • هل موقعك الإلكتروني متجاوب (Responsive) ومتوافق مع المعايير ومكتمل من الناحية الوظيفية؟
  • هل يدعم الموقع بعض الإجابات التي توصلت إليها في مرحلة تحديد الهوية؟
  • هل تحقق أدوات التواصل الحالية أهدافك وتتوافق مع هويتك؟
  • هل تضعك هذه الأدوات في مستوى تنافسي مناسب مع غيرك من الكيانات؟

اقرأ مقالنا بعنوان: الدليل الشامل لـ استراتيجية المحتوى الرقمي (Digital Content Strategy)

٢. الجمهور

توقعات الجمهور من المحتوى الرقمي.
توقعات الجمهور من المحتوى الرقمي.

الخطوة الثانية هي فهم الجمهور، وما هي توقعاته بالفعل. لا يكفي معرفة احتياجاته فقط، بل يجب الانتباه إلى كيفية ترابط هذه الاحتياجات مع توقعات الجمهور من المحتوى الرقمي.

٢.١ تحديد الجمهور

يجب الإجابة عن الأسئلة التالية لتحديد الجمهور بدقة:

  • من هم جمهورك؟ وكيف يعرفون أنفسهم من حيث العمر والخلفية والاهتمامات؟
  • لماذا يعتبرونك أنت أو مؤسستك مصدرًا مناسبًا لهم؟
  • ما سبب انطباق رسالتك أو خدمتك على احتياجاتهم؟
  • أين يتواجدون؛ محليًّا أو إقليميًّا أو عالميًّا؟
  • كيف يتفاعلون معك؛ وهل تغيرت طريقة تفاعلهم معك مع الوقت؟

٢.٢ توقعات المستخدمين

يُفضل الحديث عن “توقعات المستخدمين” أكثر من “احتياجات المستخدمين”؛ إذ إنّ الحاجة تندرج ضمن توقعاتهم. قد يبحث المستخدم عن معلومة أو منتج أو ترفيه، لكنه يتوقع منك أن تقدم ذلك بشكل واضح وبسيط. من الأسئلة المهمة:

  • هل يزورونك لإتمام معاملة معينة، أم للبحث عن معلومات، أم للترفيه؟
  • في أي حالة ذهنية يكونون عندما يتوجهون إليك؟
  • ما الذي يدفعهم للبحث عنك بدلاً من المنافسين؟
  • أين يقضون وقتهم رقميًّا؛ في التطبيقات أم عبر الهواتف الذكية أم على وسائل التواصل الاجتماعي؟

عندما تفهم جمهورك وتوقعاته، يمكنك التخطيط لإعداد المحتوى المناسب لهم بدلًا من إنتاج محتوى لا يهتمون به أو إنتاج المحتوى الخطأ للجمهور الصحيح.

٣. المحتوى

ال عنصر الثالث في أي استراتيجية محتوى هو المحتوى نفسه
ال عنصر الثالث في أي استراتيجية محتوى هو المحتوى نفسه

ال عنصر الثالث في أي استراتيجية محتوى هو المحتوى نفسه، ويجب أن يكون المحتوى:

  1. مفيدًا (Useful): يضيف قيمة حقيقية للجمهور ويُلبِّي احتياجاته أو يسهم في حل مشاكله.
  2. قابلًا للاستخدام (Usable): سهل الوصول والفهم والاستخدام، عبر تصميم مناسب وتنسيق واضح.
  3. فعّالًا (Efficient): يحقق الأهداف المرجوة للمؤسسة بأقل جهد ممكن، دون هدر للموارد.

٣.١ التخطيط والإنتاج

عند التخطيط للمحتوى يجب مراعاة النقاط التالية:

  • الخطاب والمضمون: هل يعبر المحتوى عن الهوية التي حددتها في قسم “أنت”؟
  • الصياغة والاستفادة: هل يلبي المحتوى توقعات جمهورك بحسب ما حددته في قسم “الجمهور”؟
  • التنسيق والوصول: هل المحتوى متاح على المنصات التي يستخدمها الجمهور؟ هل يتم تقديمه بصيغة مناسبة (نصوص، فيديوهات، إنفوغرافيك، …)؟
  • التكرار والتحديث: هل هناك خطة لتحديث المحتوى بشكل دوري حسب تغير الاحتياجات أو ظهور معلومات جديدة؟

٣.2 التوزيع والقياس

يجب أيضًا الاهتمام بمرحلة توزيع المحتوى وقياس أثره:

  • قنوات التوزيع: ما هي القنوات الأنسب لجمهورك (موقع إلكتروني، مدونة، تطبيق، وسائل تواصل اجتماعي)؟
  • التوقيت: هل توقيت النشر يتوافق مع أوقات تواجد جمهورك الرقمي؟
  • المقاييس وتحليل الأداء: ما مؤشرات الأداء الرئيسة التي ستستخدمها لقياس مدى نجاح المحتوى؟ (مثل: معدلات التفاعل، ومعدلات التحويل، ووقت البقاء على الصفحة، …)
  • التعديل والتحسين المستمر: بناءً على النتائج، كيف ستقوم بتعديل المحتوى لتحسينه باستمرار؟

يتحقق النجاح في إعداد المحتوى الرقمي عندما تتزامن ثلاثية “المؤسسة/أنت”، و”الجمهور”، و”المحتوى” معًا. إذ يجب أن يكون المحتوى نابعًا من فهم عميق لهويتك وبيئتك التنافسية، ومعرفة دقيقة لجمهورك وما يتوقعه، إضافة إلى التخطيط الإداري والإبداعي لإنتاج محتوى ذي فائدة، وسهل الاستخدام، وكفء في تحقيق أهدافك. من خلال التركيز على هذه العناصر معًا، يمكن بناء استراتيجية محتوى فعّالة ومستدامة تخدم مؤسستك وجمهورك على حد سواء.

المحتوى نفسه

الجزء الأخير من هذه الدائرة هو المحتوى نفسه. يأتي هذا القسم في النهاية لأن إعداده يعتمد تمامًا على توثيق وتوضيح هويتك والجمهور المستهدف أولاً. بعد الانتهاء من ذلك، يمكننا أخيرًا البدء في طرح الأسئلة المتعلقة بالمحتوى.

١. تقييم الموارد والإمكانات

ابدأ بتقييم مواردك وقدراتك بموضوعية تامة. فقد شهدنا جهودًا لإنشاء محتوى تنهار نتيجة الحمل الضخم للمهام والمواعيد التي تؤدي إلى الإرهاق. لذا،، حدّد قدراتك وسير العمل منذ البداية من خلال الإجابة عن الأسئلة التالية:

  • الأدوار: من يفعل ماذا داخل الفريق أو المؤسسة؟
  • المسؤوليات: من يتحمّل مسؤولية كل جزء من أجزاء إنشاء المحتوى؟
  • الموارد: ما هي الأدوات والقدرات المتاحة لكم لإنتاج المحتوى؟
  • الحجم: ما مقدار المحتوى الذي تستطيعون إنتاجه بشكل دائم دون الوصول إلى مرحلة الاحتراق؟
  • الموافقة: من له الكلمة النهائية في اعتماد أو رفض المحتوى؟
  • التوقيت: متى يجرى إعداد المحتوى ونشره؟

بمجرد أن تتضح لديك القدرة الإنتاجية وسير العمل، فكِّر في وجهة نظرك الجوهرية وارتكز على هويتك وسبب وجودك (Reason for Being) لتحديد الرسالة التي سترغب في إيصالها لجمهورك.

٢. تحديد وجهة النظر والرسالة

  • هل هذه قصتنا التي يجب علينا سردها؟
    يجب تحديد ما إذا كان من المناسب لنا أن نتبنى هذه القصة أو الفكرة كأساس لمحتوانا.
  • هل هناك من يروي هذه القصة من قبل؟ وكيف نختلف نحن؟
    إذا كان هناك من يغطي الموضوع نفسه، فنحن بحاجة إلى تمييز رسالتنا عن غيرنا بوضوح.
  • ما الذي نريد أن يحققه محتوانا؟
    ضع أهدافك بشكل محدد: هل تريد زيادة الوعي، أم بناء الثقة، أم دفع التحويلات؟
  • ما الهدف الذي يخدمه هذا المحتوى؟
    اربط بين الرسالة والأهداف: مثلاً، هل سيحرّك هذا المحتوى الجمهور لاتخاذ إجراء محدد؟ أم لإشراكهم أكثر مع العلامة التجارية؟

٣. تشكيل المحتوى بناءً على القدرة والرسالة

عندما تحدد حجم العمل الذي تستطيع تحمّله ووجهة نظرك، يمكنك البدء في تشكيل المحتوى:

  • من نرغب في الوصول إليه؟
    حدد الجمهور المستهدف بوضوح: الفئات العمرية، الاهتمامات، المواقع الجغرافية، إلخ.
  • هل هذه الرسالة مناسبة للقنوات التي يستخدمها جمهورنا؟
    اختر القنوات التي يتفاعل معها جمهورك عموماً؛ فقد تكون منصات التواصل الاجتماعي، أو المدونة، أو النشرة البريدية، أو مقاطع الفيديو.
  • كيف سنروي هذه القصة؟
    قرّر نوع المحتوى الأمثل: نصوص مكتوبة، مرئيات، فيديو، محتوى تفاعلي، أو مزيج منها.
  • ما الخطوة التالية؟ هل هناك دعوة لاتخاذ إجراء؟
    حدّد بوضوح ما تريده من جمهورك بعد استهلاك المحتوى: الاشتراك، التحميل، الشراء، المشاركة، أو أي إجراء آخر.

٤. تصفية المحتوى عبر معايير الثالوث: الوضوح، والإيجاز، والجاذبية

معايير الثالوث: الوضوح، والإيجاز، والجاذبية
معايير الثالوث: الوضوح، والإيجاز، والجاذبية

بعد ذلك، تأكّد من أنَّ كل محتوى تنشئه يمر عبر معايير الثالوث التالي:

  1. واضح (Clear)
    اجعل الرسالة بسيطة ومركزة على فكرة واحدة رئيسة. لا تشتت انتباه القارئ أو المشاهد بمواضيع متعددة في قطعة واحدة.
  2. موجز (Concise)
    احرص على احترام وقت جمهورك؛ قُل ما تريد في أقل عدد من الكلمات الممكنة، وفي صيغة تناسب كل قناة.
  3. جذاب (Compelling)
    قدِّم سببًا قويًا يدفع الجمهور إلى قراءة أو مشاهدة أو الاستماع؛ اجعل لديهم دافعًا واضحًا لمتابعتك، وضع عنصرًا يدعوهم إلى التفاعل أو اتخاذ إجراء لتفادي الوصول إلى نهاية بلا فائدة (“dead end”).

بهذه الطريقة، عندما يتحقق التقاطع بين أنت/مؤسستك وجمهورك ومحتواك، ستجد أن جهودك في إنشاء المحتوى تنجح في تحقيق التأثير المطلوب وسيكون صداها لدى الجمهور إيجابيًا بدرجة تعكس راحتهم ورضاهم عن تجربتهم معك.

كيف تبني حضورا رقميا قويا
كيف تبني حضورا رقميا قويا
هل تريد معرفة كيفية بناء حضور رقمي قوي؟
ما عليك سوى الضغط على الزر

المقال_ مترجم_ بتصرف_ من المصدر: Content Strategy Aligns You, Your Audience, and Your Content

 

شارك المعرفة

انضم إلى نشرة UX Writing بالعربية

احصل على أفضل النصائح والمصادر في كتابة تجربة المستخدم وتصميم المحتوى مباشرةً إلى بريدك الإلكتروني + خصومات حصرية للمشتركين (+3000 مشترك)
النشرة البريدية

دوراتنا المميزة

اختر الدورة المناسبة لأهدافك واحجز مقعدك الآن
الدورة التأسيسية في كتابة تجربة المستخدم
10 محاضرة . 17 ساعة
+ 100 خريج
الدورة المتقدمة في كتابة تجربة المستخدم
20 محاضرة . 40 ساعة
+ 100 خريج
الدورة التأسيسية في كتابة المحتوى
13 محاضرة . 25 ساعة
جديد
الدورة المتقدمة في أنظمة التصميم
24 محاضرة . 36 ساعة
ورشة التصميم السريع
4 محاضرة . 10 ساعة
جديد
دورات أخرى